حين استمع إلى خطبة إمام المسجد؛ عادت له طفولته.. مدرس التربية الدينية.. التى مازالت علامات عصاه تلون روحه وذاكرته.. كثيرا ما حدثهم عن ليلة القدر، وكثيرا ما قال لهم انتظروها فى العشر الأخيرة من رمضان، وكثيرا ما ظل ساهرا..
لم يكن يومها قد فتح بعد صفحة الأحلام.. لكن هذا المدرس فتح له بابها.. فكان يتمنى أن يقابل ليلة القدر ليطلب من الله أن يختفى مدرسه من حياته، أو يُدخل آياته فى قلبه فلا ينساها ويهرب من مصير دائما ما يقابله فى كل حصص الدين… ذكره إمام الجامع بالحلقة المدورة فى السماء.. الضوء الذى ينير فجأة.. باب الأحلام الذى يُفتح فتتحقق كل الأمانى والامنيات…
دخل حجرة نومه.. شاهد على سريره شيئا ما يتحرك.. لم يدرك ما يشاهده فى أول الأمر… لكنه لم يتسرب إلى قلبه الخوف قيد أنملة.. لذلك اقترب.. كانت هى… حلم قديم وقد انزاح عنه وعنها الغطاء.. فبدت أمامه دوائر من الضوء الأبيض الناصع… تأملها طويلا.. يعرف أنها تظهر كلمحة عين.. لذلك أسرع برفع يده للدعاء… فتحت عيناها على صوته المرتفع.. ورسمت على وجهها ابتسامة حانية.. فزادت مساحة الضوء حول وجهها الصبوح.. دعته إليها… انزل يده المرفوعة بالدعاء… استجاب.