كيف يمكنني الخروج لأعلن فرحي؟ كانت لندن لا تزال فوق، المرأة التي جلست أمامي بساقي نعامة فخمين كانت تحرك إصبعها على شاشة هاتفها وتبتسم.
لندن فوق وخطوتها الحسناء تحت، أستبدل ضحكتها بنجمتين، واحدة من أجل يدها التي سقطت على خصري والأخرى من أجل فمها الذي طبع قبلتين على خدي.
“ما من مدينة مثل لندن”، قالت، أردت أن أخبرها أن جنة على الأرض يمكن أن تكون فكرة معقولة، لم أكمل الجملة.
كنا نمشي في اتجاه جنة أعدت من أجلها، فراشها هناك قرب النافذة يخفي سرير الإمبراطورة ووسائد الفلاحات النضرات المطرزة بقرون الأيائل.
سؤال عينيها الحائرتين كان نائما هناك، “ألا تزال لندن فوق؟”، أقصد اللقلق على المدخنة، أقصد السهم الذي يشير إلى الجهات، لم أوضح لها الفرق بين الكلام والكتابة.
شفتاي لا تكتبان، “أنا لا أجيد الكلام في مواضع شتى”، تضحك وتتساءل بتواطؤ “أنت؟”.
من حقها ألا تصدق، فأنا أقول جملا ناقصة تبدو كما لو أنها افترست ما لم تقله، أردت أن أقول شيئا عن سريرها فاكتفت بسماع “سريرك” لتمتلأ سعادة.
الجملة التي ظلت عالقة بشفتي لم تكن ضرورية من أجل الفهم، “هكذا يمكن أن يكون الحوار وإلا فلا”.
قلت لنفسي بعد أن غادرتها، “شكرا لأنك وهبتني شيئا من غذاء الملائكة”، كتبت لها من خلال الهاتف، ردت مباشرة “وأنت أيضا” كنت في قطار الأنفاق.
كيف يمكنني الخروج لأعلن فرحي؟ كانت لندن لا تزال فوق، المرأة التي جلست أمامي بساقي نعامة فخمين كانت تحرك إصبعها على شاشة هاتفها وتبتسم.
نسيت أن أقول لها “ليلة سعيدة”، قبلة على أنفها طيرت الكلمات الجاهزة، أتخيل ابتسامتها وهي تكتب لي بعد أن تذكرت أنها قفزت على سياج الجملة التي تقال عند الوداع.
لقد سبقنا الليلة إلى سعادتها، لم يكن أحد منا في حاجة إلى أن يتمنى للآخر ليلة سعيدة، كنا سعداء، ما لم نفكر به لن تخترعه اللغة، لا تشير اللغة إلى مستقبل مطمئن.
ماضيها هو الذي يصنع الشعر، فيما الشعر ينقب في خرائطها بحثا عن ثقب أسود، يبتلعه ويبتلعها، لم نكن إلا كائنين فائضين.
نقلا عن العرب