أعترف أنني لاأستطيع أن أخرج يوماً عن عباءتي ” الصدرية ” التي دخلت لها طوعاً وأنا فتىً يافع بإتباعي المرجع الراحل الامام الشهيد … المظلوم حتى الآن ، محمد باقر الصدر.
وخلال زياراتي الكثيرة الى منزل الشهيد الصدر في سوق العمارة بالنجف، لطالما التقيت بالبراني) العالمَ الرباني الشهيد محمد صادق الصدر، وكنت معجباً جداً بهدوئه بين يدي استاذه ، وطبعاً بالنقاش معه في حضرة الاستاذ عن ” عصر الظهور ” وخارطة طريق جيش الامام المهدي عجل الله فرجه، نحو الفتح وإقامة العدل المفقود .. هنا على الأرض.
ولايمكن أن أنسى يوماً أنني أعتقلت في بيت الصدر، بعد أن بايعته على الوفاء والاستشهاد بين يديه وعلى نهجه ، أثناء قوافل البيعة له ولكسر الحصار المفروض عليه بعد إعتقاله في يونيو حزيران 1979 ، والتي سيّرها حزب الدعوة بالتنسيق مع وكلائه في مختلف المحافظات وكنت أحد المتصدين لها بعد أن خذلنا” وكلاؤه المعممون ” وتركونا كالغنم القاصية فريسة لذئاب صدام ونحن نردد رغم ذاك :
” يافقيدَ العصرِ ياقائدَنا قد قَدِمْنا لنجددْ عهدَنا “
كما أنني لن أنسى أبداً كيف كنتُ أحذر من قتل السيد مقتدى الصدر، في أثناء معركة النجف، وكيف كنت لا أكتفي بالكتابة الصحفية، والتقيت وجهاً لوجه بنائب الرئيس يومذاك إبراهيم الجعفري عندما رافقته في رحلة ودية من طهران الى قم والعكس وكان معظم حديثنا يدور حول دعوتي لحماية الصدر وانقاذه، وكنت أيضاً أبعث بالرسائل الشخصية الى من كنت أعتقد أنهم مؤثرون في تلك الحرب التي شنها رئيس الوزراء آنذاك أياد علاوي قبل أن يتحول في واحدة من التقلبات (…) الى حليف لمقتدى الصدر يهددان معاً بحجب الثقة عن رئيس الوزراء نوري المالكي.
ويجب أن أذكر هنا أيضا أن الأخ والصديق علي الموسوي المستشار الاعلامي للمالكي، أخبرني في مارس آذار 2009 في بغداد ، أنه نشر مقالاً في “جريدة الشرق الأوسط ” انتقد فيه ” إزدواجيتي ” بين دعوتي من خلال أفلام وثائقية أنتجتها ل” قناة العربية ” عن البصرة الى تطهيرها من فرق الموت ، العابثين بأمنها المفقود، وإنتقاداتي من خلال تقاريري في ” قناة العربية ” أيضاً ، ذلك العنف المفرط غير المبرر وغير القانوني الذي مورس مع عناصر جيش المهدي أثناء عملية ” صولة الفرسان ” .
لكن …هل يعني كل هذا أن أسكت حين أرى مقتدى الصدر وأتباعه يخوضون ويلعبون بمقدرات الشعب العراقي، وقبل كل شيء بالتيار الصدري الذي أفخر بأن حبل المشنقة كاد ذات يوم يلتف حول عنقي بسبب إنتمائي له حين كان بالفعل ” تيار أفكار ومواكب أبطال ” ؟.
لا أسوق هذا الكلام دفاعاً عن المالكي، فالكاتب والصحفي الحر يجب أن يكون معارضاً على الدوام لنهج السلطة يسعى لتقويم الاعوجاج ولايمتدح الحسن من الأفعال كي لايقع في فخ ” التملق ” . ومن هنا أحجمت عن شكر المالكي عندما استجاب بسرعة لم أكن أتوقعها لرسالة مني ، وأصدر تعليماته الى سفيره في بيروت عمر البرزنجي ليتبنى هو مباشرة قضية مواطن عراقي ذهب الى لبنان للعلاج فخطفته مستشفى ” خيرية ” بطريقة بشعة لتبتزه متجاهلة كل أصول المهنة الانسانية الشريفة.
وكما لا يجوز للمالكي ” الانقلاب ” على نظام تقاسم الحصص بحجة أنه يريد تطبيق الدستور -وهو محق- في قضية ” المتنازع عليها في كردستان “، فكذلك لايجوز لمقتدى الصدر أن يستخدم ” الشارع ” للضغط على رئيس الوزراء بحجة واهية عن حرب ” كلمات ” فيما هو يريد منه الافراج عن مجاميع تورطت بجرائم قتل خصوصاً في البصرة.
وروحوا سلمولي على ” إعصار جاسمية ” الذي لم يحرك ضمير” الشارع ” الصدري حتى بعد سقوط منازل بكاملها على أهلها بسبب الأمطار!.
بس اليدري يدري والمايدري كضبة عدس!.
وإذا كان التظاهر السلمي حقاً مشروعاً كفله الدستور في العراق الجديد، فان مقتدى الصدر وعناصر تياره لايملكون ذلك الحق فيه ماداموا مشاركين وبقوة في السلطة والبرلمان ، وفي التحالف الوطني الذي يضم ائتلاف المالكي،وفي إجتماع رؤوساء الكتل، وبامكانهم التواصل لحل أي أزمة بينهم وبين المالكي هناك على موائدهم العامرة من جيب النفط ، دون أن يؤثروا -كمافعلوا الثلاثاء – على حركة المرور في مدينة يتنقل المواطنون فيها – في الشتاء تحديداً- بالمعجزة، وربما ببساط الريح.
كم مرة ومرة هاجم الصدر بأساليب الشارع الذي يقوده باسم والده قدس سره، رئيس الوزراء المنتخب بالتوافق ، وهو لايملك صفة رسمية في البلاد فهو مجرد زعيم تيار ” شارع ” ، أصبح زعيماً لأنه نجل الراحل الكبير محمد صادق الصدر؟!.وطبعاً لولاه ” ياهو يعرف فطيم بسوق الغزل”.
فلماذا هذا الغضب عندما قال المالكي إن بيانات الصدر متناقضة؟!
وأين نضع هذه الغضبة الصدرية انتقاماً للذات ، وهو نفسه الذي سعى للتوسط بين المالكي ومسعود بارزاني ودعاهما للحوار في غداء عمل في منزله على ” فسنجون “إيراني لايتفنن به الا النجفيون ؟!.
وقيَّمِ الركّاعْ من ديرة عفج.
مسمار :
السيد عبد المجيد الخوئي نجل الامام أبو القاسم الخوئي ، قتُل ظلماً وصبراً ببشاعة في الحضرة العلوية الشريفة في النجف في 10 نيسان 2003 .جواد عبد المجيدالخوئي يصرح دائماً أن جريمة القتل لاتسقط بالتقادم وأن عائلة الخوئي ستستمر بمطالبتها للحكومة العراقية بتفعيل مذكرة القبض التي أصدرها قاض عراقي عام 2004 ضد مقتدى الصدر بتهمة قتل السيد الخوئي.