لم ارقدْ تلك الليله بل لم ترقد المدينة كلها.
كانت انفاسي محبوسةً في صدري مع الخوف من المجهول.
ربما لم يشرق صبحاً ليبدد الرعب الساكن في اوصالي .
مزيج من التوقعات والاوهام وتراهات قد رسمتها.
اصوات الطائرات التي تجوب السماء ذهابا وايابا ،وصافرات الانذار ومقاومات الطائرات التي تضئ سماء المدينة كقناديل البحر وتمزق رداء ليلها الثقيل.
الليل يمضي كسلحفاة مريضة
ارتفع نقيق الضفادع في المستنقع االمقابل لدارنا كانها تستشعر الخطر وغادرته طيور النورس.
صوت مذياع ابو رياض المقابل لدارنا يمزق هو الاخر سكون الليل
خطوت باتجاهه استكشف ما حصل.
كان جالساٌ لوحده على غير عادته في الليالي الماضيه.
انها الحرب ….
بادرتي حين الوصول.
قصفوا كل الاماكن …
مطارات …معسكرات…جسور… محطات الطاقه والاتصالات.
لم تسلم ايةَ مدينةٍِ من قصفهم.
انسحبت يأساً من امامه.
توجهت بالنداء بالتهيأ لمغادرة المدينه للريف لمن بالداخل،مع حمل مايستطيعون من مؤن واغذيةٍ وافرشه.
كان علينا ان نصل الى اقرب جسرٍ من دارنا لعبوره الى الضفة الاخرى.
الشوارع خاليه الا من كلاب سائبه تتجول بحثا عن اطعمةٍ بين اكوام القمامةِ
وصلنا الجسر حيث سبقنا اليه بعض العوائل التي تجمعت لعبوره.
ا مجاميع العساكر والجنود المكلفين بحمايته منعت الجميع من العبور،لحين عبور الارتال العسكريه.
لحظات كانت هناك مناداة لقائد عسكري لجنوده بابعادنا عن الجسر خوفا من قصفه.
انسحب الجميع الى الحديقة المجاوره تنفيذا لاوامر الجنود. لحين السماح بالعبور واتخذت العوائل التي ازداد تدفقها مع مرور الوقت الاشجار ومقاعد الجلوس مأوى لها
بدا البرد يزداد قسوة استشعرت ذلك من تململ الاطفال وبكائِهم ،اخرجت دثارا لالفهم به.
غموض الموقف يزيد من رهبة المكان فنتخيل هناك من يتربص بنا خلف الاشجار او ان جيشا يزحف باتجاهنا.
حينها دوى انفجار هائل وعاصفة من الطين ورشاشات الماء كأنَ سماءً امطرتها.
تشتت الجموع بين صراخ وهروب الى ملاذاتٍ اخر بين الاشجار والمقاعد الكونكريتيه.
تحسسنا اعضاء بعضنا وحمدنا الله على السلامةِ واسكنا خوف وروع الاطفال والنساء.
اصوات سيارات الاسعاف اسرعت للمكان.
تصورنا ما حدث ربما كان الجسر هو الهدف.
اخذت خيوط الفجر الاولى المتثاقله،المرتجفه،المتعثره،تنسج شباكها.
وكأن صراخاً داخل كل فرد فينا يحثها ان تسرع .
الجسر مهشم الاوصال الامن ممرٍ ضيق كأنه يتشبث بالحياة
عم المكان الفوضى،فرق الانقاذ تفتش عن الضحايا
التزاحم على العبور من خلال الممر الضيق .
امسكت الصغار واوصيت بالامساك ببعض لاجتيازه.
عبرنا الجسر لنصل الى اقرب موقفٍ للسيارات عندما دوى انفجار اخر ليجهز على ماتبقى من الجسر ويغتال الارواح التي لاذت به للعبور.
بعد ان هدأت المدافع اعيد اصلاح جسر العشاق كما تسميه المدينه وكلما اعبر ذلك الخيط ابصر اسفله وكأني ارى وجوه من غرقوا تلك الليلةِ من العشاق ترتسم على صفحات الماء