23 ديسمبر، 2024 3:52 م

ليس لأمريكا وجه قبيح ..

ليس لأمريكا وجه قبيح ..

هل كان التصويت على المساعدات الامريكية للكرد والسنة دون المرور بالحكومة المركزية مفاجئة للسياسيين ؟ اعتقد من العيب ان يعلن بعض الساسة انها كانت مفاجئة لهم او انهم لم يتوقعوا ان تكون الامور في امريكا نحو العراق تأخذ منحى قريب الى تقسيم العراق منه الى اعادة العراق قبل العام 2003 فلم اسمع يوما ان امريكا فاجأت دولة ما بسياستها نحوها او انها قررت في لحظة غير متوقعة من موقفها نحو الدول ,,ابدا لم تفعل امريكا ذالك لكن الذين يتفاجئون اليوم او بالامس لا يعرفون امريكا سياسيا جيدا ولم يدرسوا السياسة الامريكية اتجاه الشعوب ..ارسلت امريكا منذ
دخولها العراق والى الامس القريب عشرات الرسائل بافعالها وليس باقوالها واحيانا هذه الافعال تعلنها اهرامات السياسة الامريكية ففي اكثر من مناسبة تحدث اعضاء الكونكرس الامريكي بوضوح حول مستقبل العراق ولم يترددوا ابدا أن يعلنوا موقفهم من تقسيم العراق لكن بطرق يفسرها بعض الاغبياء انها متأتية من اصل الدستور العراقي الذي يسمح بالفدرالية والأقاليم ولم يبتعد هؤلاء مقدارا ولو بسيطا في التفسير حول التصريحات الامريكية حول المستقبل العراقي حتى جاء مشروع بايدن الذي اقام العراقيين الدنيا ولم يقعدوها ضنا منهم ان صخبهم الفارغ هذا سيغير تلك
الوجهة البايدينية والرجوع عن تصريحاته على الاقل مجاملة متناسين ان كل تصريح من الوزن الثقيل ينطلق من الرئيس او الخارجية الامريكية او الشيوخ الامريكي لابد ان يكون له اساس او وجود في المطبخ السياسي الاستراتيجي الامريكي ولايمكن ان يطلق تصريح بهذه المستويات جزافا هكذا دون ان يكون قد اختمر هناك ودرس ووضع على رفوف التنفيذ ولو بعد حين لكنه كبرنامج له وقته وله ادواته .
عشرات الوفود العراقية الرسمية وغير الرسمية تذهب الى امريكا وتلتقي بالساسة الامريكيين بعضها يعلن عنها في الاعلام وبعضها يكون قد كتم عليه او لم يسهب في تفسير وجود مثل هذا الوفد لغايات ما ليس من الضروري الاعلان عنها لكن كل تلك الوفود لم تستدعيها امريكا عن طريق سفاراتها في بغداد التي تعتبر اكبر السفارات الامريكية في الشرق الاوسط لأجل الترويح والاستجمام والسياحة بل لوجود امر ما يجب ان يناقش هناك والمناقشة مع تلك الوفود حول ذالك الامر لايعني أخذ الرأي او تغيير الموقف الامريكي بل بكيفية تنفيذ ذالك الامر وأولوياته على الساحة ..
الوفود العشائرية السنية التي تذهب بكثرة الى امريكا وبدعوات رسمية للتباحث معها حول مستقبل المكون السني وكذالك اكثر وضوحا تعامل امريكا مع الاكراد ولا يحتاج الى طول شرح فأمريكا سعت ومنذ الايام الاولى لتقوية الاكراد وجعلهم يفكرون بجدية بالانفراط من عقد الفسيفساء العراقية التي اوجعت رؤوسنا وما الشركات الامريكية النفطية العملاقة العاملة في الاقليم وصراعها مع المركز الا برهان واضح على ان امريكا لم تفاجأ العراقيين بما سيؤول له تصويت مجلس النواب الامريكي حول ارسال السلاح الى الكيان الكردي والسني دون المرور بالحكومة المركزية ..
في النظام الداخلي للمجلس الشيوخ والكونكرس ان اي مقترح يقدم من احد الحزبين يصوت عليه واذا صوت عليه بنسبة 60% في المجلسين يصبح هذا المقترح قانونا يجب ان يعمل به رئيس امريكا مهما كان وقعه وعدم قناعة البيت الابيض به اما اذا كان هذا التصويت اقل من تلك النسبة فأن العمل به منوط بالحكومة الامريكية والرئيس الامريكي وهو حر في العمل به او عدم التعامل لكن في كل الاحوال ان القوانين التي تولد في المجلسين لم تأتي هكذا بالصدفة بل تأتي بعد مناقشات وقناعات وبدايات ودراسات مستفيضة حتى تظهر الى النور واغلب تلك القوانين طبخت ونضجت في اروقة
الاستراتيجية السياسية الامريكية ولم تأتي من لدن احد اعضاء الشيوخ واصبحت قانونا في ليلة وضحاها ..
القانون الذي يسميه البعض سيئ الصيت لم يولد يوم التصويت ولم يتوقف بسبب نعيق اصوات العراقيين الخجولة في التعامل وعدم التعامل معه هذا الامر غير مهم بالنسبة لهم المهم التعامل مع القانون الذي وضع شروط على الحكومة العراقية في استمرار امريكا به وبوضوح او عدم التعامل به هذا منوط بالحكومة العراقية ..واهم هذه الشروط ان المبلغ المرسل الى العراق الذي هو 715 مليون دولار يجب ان يذهب من هذا المبلغ مانسبته 25% منه كأسلحة الى قوات البيش مركة والقوات السنية اي بمقدار 178 مليون دولار كحد ادنى في حال تنفيذ الحكومة لبعض الشروط وكحد اعلى في حال عدم حصول
ذالك اي بمبلغ 429 مليون دولار ومبلغ 75% تصرف للقوات العراقية كاسلحة للمشاركة في القتال وبأشراف وزارتا الخارجية الامريكية والدفاع وبشرط تنفيذ بعض الاصلاحات التي اقترحها المصوتون بالقانون منها المصالحة الوطنية وحصول التوازن الحكومي ايقاف المليشيات من العمل وشمول ابناء الاقليات في العمل بالقوات العسكرية وبعض الوظائف الحكومية واعطاءها حصة من تلك الوظائف ,وسيكون كل ذالك بمراقبة الوزيرين الامريكيين الخارجية والدفاع وفي حال عدم عمل الحكومة بهذه المتطلبات الامريكية سيذهب 60 % من المبلغ الى الاكراد والى العشائر السنية في التسليح ..
من الواضح في كلتا الحالتين ان جزء من المبلغ والبالغ 178 مليون دولار هو بكل الاحوال مرسل الى الاكراد والى السنة اي ان الحكومة ستكون بموقف لا يحسد عليه اي ابتزت بوضح من امريكا وهي في اقل مايقال عليه انها لا تستطيع التحكم بقدرتها للخروج من هذا المأزق ولا تستطيع عدم التعامل معه فهي كمن وضعت في شراك محكمة فالمبلغ في امريكا والوزيرين الدفاع والخارجية هما من يتحكمان وينقلان بتقاريرهما الى مجلسي الشيوخ والبرلمان الامريكي ليقررا ..
طبعا هناك من هلل وتهلل لهذا القانون ومنهم الاكراد وبدون اي تردد وبرروا ذالك بتبريرات واضحة سواء اكانت مقنعة ام غير مقنعة والعملاء السنة الذين يتعاملون مع امريكا لغرض تقسيم العراق هم من كان قد اعطى الضوء الصريح والاخضر في التكيف معه ,,
من هنا نبين ان امريكا ماجائت بهذا القانون وهي تحاول التملص او خجلة او تقدم اعذار بل اعلنت كل ذالك وبوضوح الى الساسة العراقيين ..
ما هو الحل اذن ؟ طبعا ومن المؤكد توجد حلول وحلول تحتاج الى قوة وحكومة تتمتع بسيادة وعدم التأثر بالاجندات ولها رؤية مستقبلية في حال اتخذت قرار يرضي ناخبيها على الاقل تستطيع الخروج من هذا الشرك الذي يساهم بالتقسيم ودق اوتاد لحدود ثلاث دول اهم هذه الحلول …
الاعتراض الشعبي لتشجيع الحكومة بالنهوض بمهامها وخروج الشعب بمظاهرات وخاصة من قبل الشعب الكردي والشعب السني ولو اعتقد ان هذا غير ممكن فهو مقترح لحل وايضا تسيير مظاهرات حاشدة من قبل المكون الشيعي في المحافظات الامنة واعتقد هذا ممكن بالنظر لما تتمتع به تلك المحافظات من امن نسبي افضل من بعض المحافظات العراقية .. استنهاض الحكومة بحملة من قبل المثقفين والسياسيين العراقيين في الصحف والتواصل الاجتماعي يطلب من الحكومة العراقية الغاء الاتفاق الاستراتيجي مع امريكا وايقاف التعامل معها وابعادها من التدخل في الاجواء العراقية وايقاف
طلعاتها الجوية الخبيثة التي اصبحت اليوم عبا على الجيش وليس معه ولم تتمكن من تقديم شيء يذكر على الساحة القتالية وغلق السفارة الامريكية في بغداد والقنصليات لأنه لايمكن ان يكون هناك اخطر من هذا المقترح والتدخل السافر في الشأن العراقي ولا تلام الحكومة اذا تقدمت بمثل هذه الخطوات وبدون تردد وبخطى واثقة معتمدة على وقوف الشعب معها ومتحججة بذالك ,,
محاولة الحكومة العراقية التعامل مع دول اخرى وابرام اتفاقيات استراتيجية كبديل عن الامريكية مثل دولة روسيا وايران واستيراد الاسلحة معها ,,
والاهم من كل ذالك وهو الذي يجعل الحكومة الامريكية بوضع محرج ولا تستطيع السير بهذا الاتجاه هو تحرير المدن المسيطر عليها من قبل داعش وطرد تلك العصابات وباستخدام قوات الحشد الشعبي ونشر الامن والامان لتضييع الفرصة وايقاف التحجج بداعش
ابرام عقود تسليح استراتيجية وعقود تدريب القوات العراقية واستقدام مستشارين ومدربين من دول اخرى وايقاف التعامل مع تلك الامريكية بصفة مستشارين ..
اعتماد الدعوات المرجعية بالوقوف بحزم بوجه هذا التطلع الامريكي والتشاور معها بجدية من اجل الاستأناس برايها خاصة وأن للمرجعية اتباع اظهروا لها وللعالم انهم رهن الاشارة في حال طلب منهم اي عمل يقوض ماتريده امريكا ..
هذه الخطوات تتطلب موقف حازم وموحد في البرلمان العراقي وكل من يقف بوجه هذه الاصلاحات الرادعة يطرد من البرلمان او يعامل بمعاملة غير تلك التي كانت لأن وحدة العراق لايمكن التساهل والتغاضي على من يريد العبث بها كائن من يكون سواء الاكراد او السنة ويجب على النواب الشيعية ان يظهروا هذه المرة ولو لمرة واحدة بموقف حازم وقوي بوجه هذه الهجمة وتوحد موقفها وتتوقف عن الخلافات الى الابد فالهجمة الامريكية الان اصبحت اكثر وضوحا وتدبرا مما كانت عليه سابقا .

[email protected]