23 ديسمبر، 2024 12:24 ص

ليس دفاعاً عن الطيارَين المتشاجرين , بتاتاً !

ليس دفاعاً عن الطيارَين المتشاجرين , بتاتاً !

مهما كان من غلوّ ومخاطرة وافتقاد للأخلاق والشعور بالمسؤولية المضاعفة في تشاجر كلا الطيارين مع بعضهما في قمرة القيادة اثناء رحلةٍ للخطوط الجوية العراقية من مدينة مشهد الأيرانية الى مطار النجف الأشرف , وتعريض حياة الركاب الى الخطر حسبما مُتَصَوّر , لكنه في ذلك فحياة الطيارين تندرج وتغدو في ذلك الخطر كذلك وفق تلك التصوّرات .!

في الحقيقة , إنّ ما استند وارتكز عيه كلا كابتن الطائرة ومساعده في ترك قيادة الطائرة والإنغماس في التشاجر وضرب بعضهما البعض , هو اطمئنانهما المطلق ” علمياً ونفسياً ” لوجود جهاز صغير في كلّ طائرة يسمى < Auto Pilot – الطيار الأوتوماتيكي > والذي يجعل الطائرة تطير بسرعة ثابته وعلى ارتفاع ثابت ودون تدخّل قائدي الطائرة لفترةٍ من الوقت , وعبر التأكد عبر < Aerial Bump Sensor – جهاز استشعار قدوم مطبات هوائية > من عدم حدوث ما يعرّض الطائرة لجيوبٍ هوائية او اهتزازاتٍ اخرى وما الى ذلك .

أمّا عكس ذلك ! فحياة الطيارين الأثنين تضحى ايضاً معرّضة للخطر كباقي المسافرين , وما كان لهما أن ينشغلا حتى بمعاركٍ كلامية اثناء قيادة الطائرة لولا ذلك الجهاز !

ولا أدلّ على ذلك ايضاً , فأنهما سارعا لوقف ” التشاجر بينهما ” ليس بسبب الفوضى التي عمّت داخل الطائرة وتدخّل طاقم الحماية والمضيّفين ” كسببٍ وحيد ” لكنهما ايضاً بادرا الى أخذ ناصية وضع الطائرة حينما ادركا اقترابهما من مرحلة الهبوط التدريجي للطائرة وما يتطلبه ذلك من اجراءاتٍ ودقّةٍ وانتباهٍ عاليين حتى وصلا ارض المطار, ووصولاً الى إطفاء محركات الطائرة واجهزتها , بعد إتمام عملية التواصل مع برج المراقبة الذي حدّد لهما لحظة الهبوط على مدرج المطار ومكان نقطة التوقف الأخيرة أمام او بالقرب من مبنى المطار.

شخصياً , ومن زاوية نظرٍ شديدة الخصوصية , فأرى أنّ كلا الطيارَين المتشاجرين كانا يتمتّعان بكفاءة عالية من خلال تمكنهما من قيادة عملية الهبوط –  Landingبسلاسة وانسيابية والتي هي اشدّ خطورةً من عملية الإقلاع – Take Off وهما في حالة توتّر وضغط نفسي مرتفع .! , ولعلّهما ” من زاويةٍ مُمازِحة ” كانا يستحقان نوط الشجاعة لحفاظهما على ارواح المسافرين وسلامة الطائرة اثناء معركتهما الدامية .!

ويبقى حديثنا هنا مقتصراً على الجانب التقني او التكنولوجي لهذه الحادثة الفريدة التي شوّهت سمعة الخطوط الجوية العراقية , بل وسمعة العراق برمّته بعدما شوّهته بالطول وبالعرض ممارسات احزاب السلطة الحاكمة , ولعلّ ذلك كان مرسوماً ومدروساً ومقصوداً مسبقاً .!