23 ديسمبر، 2024 11:36 ص

ليس بـ ( العياط ) و (الصراخ) وحده نحارب الفساد..!!

ليس بـ ( العياط ) و (الصراخ) وحده نحارب الفساد..!!

كان الشعار المتداول في الستينات والسبعينات أيام الأحزاب الثورية للماركسيين والقوميين العرب على حد سواء : (ليس بالخبز وحده يحيا الانسان)..وشعار (الكرامة أغلى من الخبز) للتدليل على أن الكرامة لدى الانسان تحتل أعلى مراتب القيم، ثم يأتي توفير الخبز والأمن والتعايش السلمي في مرحلة لاحقة!!

أما الشعار الذي يصلح للعراق الديمقراطي الان، وبعد تفشي الفساد في العراق الى درجات مرعبة ، فهو : (ليس بالعياط وحده نحارب الفساد)!!

إذ لم يشهد تأريخ العراق تدهورا وانحدارا في مهاوي الفساد ، مثلما شهدناه في عهد (ديمقراطية الفساد) التي بشرنا بها (المرشد الأعلى) وحاكم أمريكا (بوش الكبير) عام 2003 ، ولم نحصد من عهود الديمقراطية سوى خيبات الأمل وضياع مستقبل البلد،وإغراقه بفساد اداري ومالي ، نهيت خلاله أموال البلد وهي بمئات المليارات!! ..ولو اقتصر خراب البلد على اغراقه بثالوث الفساد لكان أهون لكن الذي خرب مع كل هذا النفوس والعباد ..!!
ويرى المهتمون بعلوم السياسة إن اللجوء الى إستخدام إسلوب (العياط) و(الصياح) و (التهديد) و (الوعيد) وبهذه الطريقة ، يعني ان من يريد محاربة الفساد هو (فارغ القوى) و (محطم الإمكانات) وليس لديه القدرة على (حل رجل دجاجة) كما يقال!!
ويرى مهتمون بالشأن السياسي العراقي أن (باشوات الفساد) و (سلاطين النهب) هم في قمة السعادة الان ، وهم يتصدرون المشهد السياسي ، وهم (أخطبوط رهيب) يجثم على صدور العراقيين في (مملكة الفساد) أو (جمهورية النهب والسلب) ، وهم قد ايقنوا أن (العياط) بهذه الطريقة يعني ان الدروب سالكة لهم، وبمقدور (من في بطنه سخلة) أن (يهرب) أو (يشرد) ، واعتقد أن الكلمة الاخيرة هي الأصح لأن الهروب تعني ان (يهرب بجلده) أما (الشرود) فتعني ان يأخذ معه مايشاء من مليارات ومستلزمات معيشة وعلى راحته، بل أن (العياط) و (الصراخ) هو (رسالة تطمين) من أن (رموز الفساد) لن يطالهم العقاب، وإن الأمر مجرد (زوبعة في فنجان) كما يقال!!

أما الدليل فهو كما يقول الفنان المصري الشهير عادل إمام : ( ألولو).. أي انهم اخبروا من سيطالهم العقاب بضرورة السفر و (الإفلات) في أقرب وقت..وهناك (دول مجاورة) قد وفرت لهم (ملاذات آمنة) لأن لديهم معها آلاف المشاريع وبالمليارات، ومن هناك سيقودون مهمة تخريب ثروات العراق، ونهب ما تبقى، وتسليم مقدرات البلد ، لمن كانت لهم الغلبة في أن يتحكموا بمصيرنا ، فهم من أصبحوا (ولاة أمرنا) وهم من يعقد عليهم الفاسدون الكبار الآمال في خراب بقية الديار!!

لكن المشكلة أن شيوع (لغة العياط) و (الصراخ) راحت تدوخ عقول العراقيين وتصدع رؤوسهم بكل هذا (الصياح الصاخب) ..حتى ينطبق علي هؤلاء مقولة (إسمه في الحصاد ومنجله مكسور) ..بل أن سيوفهم التي يشهرونها كل يوم ضد الفساد والفاسدين أصبحت صدئة وهي لاتعدو ان تكون سوى سيوفا من خشب!!

وما علينا ، بعد كل الذي جرى ، وبعد إن عم اليأس والقنوط من محاربة الفساد والفاسدين ، وبعد إن هدرت كرامة الاوطان إلا أن نردد : ليس بالعياط وحده يحيا الانسان!!