ليس الجهل وحده الخطر…

ليس الجهل وحده الخطر…

الجهل…

ذلك الغياب البسيط،

الفراغ الذي قد يُملأ يومًا بمعرفة،

قد يكون قابلاً للشفاء،

إذا وُجد في صاحبه حياء العقل،

ورغبة السؤال.

لكن الخطر لا يكمن في الجهل العاري،

بل في الجهل المتأنق، المتزيّن،

المطمئن،

الذي يقف أمام المرآة واثقًا أنه عالم،

وهو لا يعرف أنه لا يعرف.

الخطر أن يمشي الجاهل معتقدًا أنه هادٍ،

أن يتكلم كأنه نبيّ،

ويجادل كأنه مُرسل،

ويحكم كأنه لا يُخطئ،

ويُصفّق له مَن هم أجهل منه،

لأنه “يُجيد الكلام”…

الخطر، كل الخطر،

حين يلبس الجهل رداء الدين،

ويُزيَّن بالنصوص،

ويُحاط بجدار من الحرام،

فلا يُسأل،

ولا يُمس،

ولا يُراجع.

الخطر حين تصبح الخرافة إيمانًا،

والتقاليد دينًا،

والصوت العالي برهانًا،

والحشود شهادة.

الخطر حين يُصدّر الجهل باسم الوطن،

ويُدار به الإعلام،

ويُمنح مقعدًا في البرلمان،

ويُصبح مقياس الوطنية أن تصمت،

وأن تقول نعم،

وأن تكرّر ما يُقال دون أن تفكر.

الجهل بذرة…

لكن من يسقيها هم من يربحون منها.

والأخطر من الجهل،

أن لا يشعر صاحبه به،

أن يلبسه كما يلبس المعطف،

ويخرج إلى العالم وكأن على وجهه نورًا.

ذاك هو الجهل القاتل.

ذاك هو الجهل الذي لا دواء له،

إلا بصدمة…

أو نور…

أو وجع يجعل صاحبه يقول لأول مرة:

“ربما أكون مخطئًا.”

محمد ساجت السليطي

25.حزيران.2025

2

أحدث المقالات

أحدث المقالات