23 ديسمبر، 2024 12:58 م

لم يتبقى الا القليل على الانتخابات البرلمانية في العراق حتى بدأت الاحزاب بالتحرك و العمل على استمرار بقائها او زيادة نفوذها في لعبة العملية السياسية حسب قوة و نفوذ الحزب و حسن استغلالها لمطالب الشعب لكن يبدو هذه المرة ان الانتخابات لها ما يميزها عن غيرها فالموازين اختلفت و كذلك التوجهات و ربما نشهد انشقاقات سياسية غير متوقعة انسجاما مع الوضع السياسي داخل العراق و ظهور توجهات و افكار سياسية جديدة تمثل جزء كبير من الشعب و ايضا لا ننسى حجم الصراعات الاقليمية و انعكاسها على العراق.

بالرجوع قليلا الى الوراء سنجد ان الصراع الانتخابي كان مقتصرا على طائفتين (شيعية_سنية) فقط تمثلها الاحزاب متحالفة فيما بينها اما اليوم و رغم استمرار نفس التوجهات الدينية و بقاء ذات الاحزاب الا ان تغييرات كبيرة باتت تهدد استمرارها سواء في العملية السياسية او وجودها كما هي عليه فمن المعروف ان حزب الدعوة الحاكم صار بين جناحين الاول للسيد المالكي و الثاني للسيد العبادي و طبعا لكل منهما طريقته الخاصة و لكل منهما مؤيديه داخل الحزب و كذلك المجلس الاعلى و غيرها من الاحزاب الكبيرة و المؤثرة ،و اضافة الى رغبة اعضاء من داخل الاحزاب السنية او الشيعية في تشكيل احزاب جديدة و الخروج من عباءة الزعيم الاوحد مع بقائها تحت ذات المسمى السياسي و الديني

ليست الاحزاب فقط هي ما اصبحت في حالة غير مستقرة
داخليا بل التحالفات ايضا فعلى الرغم من تكوينها المبني على الانتماء الديني الذي يمثل مصدر القوة لهذه الاحزاب الا ان ذلك لم يمنع تصدعها و خروج عدد من مكونات هذه التحالفات ليغرد بعيدا عن السرب و لا فرق هنا بين تحالف و اخر فالتحالف الوطني يعاني من اختلاف رؤى احزابه و صراعات فيما بينها في اغلب الاحيان و الامر كذلك بالنسبة لتحالف القوى السنية ان لم يكن اكبر و اكثر تصدعا من الاول.

اضافة الى الاحزاب التقليدية التي تسيطر على العمل السياسي بدأت الاحزاب المدنية و العلمانية و الليبرالية تنظيم صفوفها و العمل على كسب ثقة الناخب معتمدة على عدة امور ابرزها فشل الاحزاب الكبيرة في تنفيذ وعودها و تقديم منجزات مقارنة مع حجم التأييد الشعبي الذي حصلت عليه و كذلك نفور الشعب من الاحزاب ذات التوجه الديني التي لطالما اعتمدت على الدين و الطائفة في اثارة عواطف و مخاوف المواطن البسيط و بالتالي الحصول على صوته و اخيرا و هو ابرز ما تعتمد عليه الاحزاب و هو الوصول الى الدولة بمفهومها الطبيعي يحكمها الدستور و القانون بدلا من وثائق سياسية مؤقته.

تصدع التحالفات الكبيرة و خلافات الاحزاب الداخلية و رغبة المدنيين في دخول العمل السياسي تمثيلا لشريحة كبيرة من الشعب تجعل من الانتخابات القادمة ميدان للصراع بين قوى سياسية شبه متساوية فلكل حزب تقريبا عددا من الاوراق التي يراهن عليها لكنه سيضطر الى الدخول منفردا بدلا من الاعتماد على التحالفات التقليدية التي تتحدث بلغة المكون الشيعي و المكون السني التي كان لها الاثر في تفضيل المواطن لمرشحي مكونه و ان كان فاسدا او فاشلا و طبعا الصراع من اجل المكاسب الانتخابية لا يمنع ان تتصادم هذه الاحزاب فيما بينها للظهور امام الجمهور كداعم لمكافحة الفساد مثلا او لتلبية مطالب الشعب و ما اكثرها !

طبعا يستثنى من ذلك الاحزاب المدنية التي لا تملك سوى رغبة الشعب في تغيير الوجوه و وصول الشخصيات المثقفة و البعيدة عن لغة المحاصصة الحزبية او الطائفية الى مقاعد البرلمان او الحكومة لتقدم انجازات و مشاريع حقيقية لبناء الدولة و تحقق رؤيتها بعيدا عن اساليب الخداع و المراوغة.

صاحب الكلمة ذات الاهمية في هذا الصراع هو الشعب الذي كُشفت له كافة الاسرار و صار يعرف جيدا الفشل الذي وصلت له الاحزاب ليس في تنفيذ وعودها الانتخابية و حسب بل المحافظة على تماسكها سواء التحالفات الكبيرة او تماسك قياداتها فهل سيعيد تكرار ذات الخطأ و لتستمر قضايا الفساد و الفشل ام ستكون له كلمة اخرى يكون لها
الاثر الكبير في تغيير العملية السياسية ؟