عندما يتم تفريغ مدن بكاملها من سكانها المدنيين العزل الذين يحملون هوية قومية ومذهبية واحدة ليصبحوا مُشردين لامأوى لهم،تحت ذريعة محاربة التنظيمات الارهابية فهذه ليست حربا مقدسة.
ما يدعو الى الرفض وعدم القبول به في هذه الحرب،أن الذي يعجز من سكان المدن المختطفة من قبل قوى الارهاب الخروج هاربا من مدينته ،ينظر إليه بنفس ماينظر الى الارهابيين،لتصبح حياته ومصيره تحت رحمة القصف الجوي،والبراميل المتفجرة والميليشيات التي تتفنن في الاساءة إليه عندما تتمكن في تحقيق انتصار على الارض لأنها تتهمه مسبقا بالتواطىء والتعاون مع قوى الارهاب طالما بقي في بيته ومدينته ولم يختر سبيل الخروج ..ومن هنا ستجد الميليشيات لنفسها مايمنحها الحق والحرية للتمثيل بجثث القتلى وهدم المدن وازالتها عن الوجود .
من يؤمن بأن الحرب على هذه الصورة لها صفة القداسة،فهذا يعني من وجهة نظره أن قتل الكورد بالكيماوي في حلبجة عام ٨٧ والأنفال ليست جريمة،وأن المقابر الجماعية في جنوب العراق في تسعينات القرن الماضي ليست جريمة،وتجريف البساتين في الدجيل في مطلع الثمانينات ليست جريمة، ..
من يؤمن بهذه الحرب ــ وعلى هذه الصورة ــ بانها نظيفة ومقدسة فهذا يعني ايمانه بكل ماترتكبه التنظيمات الارهاربية من جرائم فردية وجماعية بحق من يختلفون معها، ويقدم لها حجة -مقدسة -لتبرير كل ماتقدم عليه من اساليب
وحشية في قتل وتعذيب من لاينتمي ولايؤمن بمعتقداتها .. لايمكن القبول بالجرائم التي ترتكب بحق المدنيين العزل مهما كانت هويتهم العرقية والمذهبية .
ولايمكن القبول باي منطق يبرر عملية الاساءة لهم واهانتهم واذلالهم وقتلهم وتشريدهم .
للأسف الشديد،يتم بكل سهولة تنفيذ مشاريع تدمير البنية الاجتماعية لشعوب الشرق الاوسط بكل مكوناتها الاثنية والقومية والدينية التي تمتد جذورها الى مئات السنين،تحت مظلة مزيفة للديموقراطية،أو بحجة محاربة قوى الارهاب الديني المتطرفة اعتمادا على احزاب وقوى سياسية ذات بعد طائفي وفئوي ،ومعها ارتمت بنفس المستنقع قوى سياسية يسارية فرطت بتاريخهاالوطني انطلاقا من حسابات بعضها انتهازي وبعضها طائفي !
تتحمل الحكومة مسؤولية مايجري من انتهاكات وجرائم ترتكب بحق المدنيين من قبل القوات الحكومية وغير الحكومية ولن يعفيها من المسؤولية الجنائية اي قانون يصدر عنها ولااية فتوى ذات صبغة دينية تكون بالنسبة لها بمثابة مستند شرعي وقانوي لتبرير موقفها،لأن مسؤولية اية حكومة الحفاظ على كرامة وآدمية وحياة مواطنيها المدنيين العزل بغض النظر عن خلافها واختلافها معهم او مع جزء منهم في اية قضية سواء كانت مذهبية أو سياسية.