23 ديسمبر، 2024 5:04 م

ليتهم يُصلحون أوضاعهم

ليتهم يُصلحون أوضاعهم

الانسان السويّ حريصٌ على سمعته بين الناس ، وطَموَحٌ لان يكون محترماً محبوباً عندهم، وممن يُثنون عليه ويحمدون سلوكه …
تلك هي السمة الغالبة على الكثرة الكاثرة من الناس .
ومن هنا تجد أنَّ التبرم من حالة معيّنة وايلائها النقد المرّ ، يُحرّك المتطلعين نحو مواقع تكاملية متميّزة، نحو اجتناب الوقوع في مثل تلك الحالة ، لئلا يكونوا مشمولين بالنقد الاجتماعي الصارم .
ان الاستماع الى حديثِ ناقدٍ ساخِطٍ واحد ، على احدى الجوانب السلبية ، قد يقود المستمع الى مكابدة تجهده للتخلص كليّاً من آثار تلك الجوانب السلبية طِيلة حياته .
قصة طريفة :
ينقل الراحل الدكتور علي الوردي قصة طريفة في هذا الباب فيقول :
” كان رجلٌ يمشي قرب أحد القصابين فسمعه يذّم بعض الذين يشترون منه اللحم .
فهم يشترون لحماً قليلاً لبيوتهم ، وهذا في نظر القصاب بُخْلٌ لايرضاه الله ولاترضاه المروءة .
وقد أثرّت كلمة القصاب هذه في عقل الرجل ، فصار يدأب على شراء اللحم الكثير في كل مرّة .
وهو يضيّق على نفسه بذلك . فعائلتُه لاتحتاج الى هذا اللحم الكثير، ولكنه يريد ان يَظْهر أمام الناس بمظهر الكريم ، ولا يبالي ان يبذر رزقه القليل في سبيل ذلك يوماً بعد يوم “
{ الاحلام بين العلم والعقيدة ص 116 }
ان الفرار من البخل لامحيص عنه ، لان البخل سوء ظن بالله – وهو مرض عقائدي قبل ان يكون مرضاً أخلاقياً واجتماعياً .
والبخيل يكرهه أولاده وأهل بيته فضلا عن غيرهم ، لأنه متشرنق باللؤم والإعراض عن كل ألوان البر الاجتماعي والانساني، ونتيجه ذلك ان يكون منبوذاً معزولاً لايكترث به أحد .
والمهم ان كلمة القصّاب ، كان لها وقعها المؤثر على الرجل الذي ضاعف من كميات اللحم التي يشتريها لأهله، مع أنه لم يكن بخيلاً وانما كان محدود القدرة والموارد .
اعراض السلطويين عن اصلاح أوضاعهم
ولعلَّ السلطويين هم أكثر الناس إعراضاً عن الاستماع الى المواعظ النافعة، والتأثر بما يسمعونه من نقد جارح، لأصحاب الخصال الذميمة والطباع اللئيمة .
مَن منهم لم يسمع ويشهد ؟تبرم الناس وسخطهم على (الدكتاتور المقبور) الذي سلط ولديه وصهره وخاله ، وقرابته على رقاب الناس، حتى عاثوا فساداً في البلاد والعباد ، مقتدين به فهل انتهى السلطويون من تسليط أبنائهم واخوانهم وأصهارهم وأقربائهم على معاقد الأمور ؟!!
انهم يعلمون على اليقين ان هذا المسلك وَعْرٌ خطير ، وأنّ سالكيه لايفوزون لا برضا الله ، ولا برضا الناس .
ان احراز المكاسب الشخصية والعائلية والفئوية على حساب المواطنين، أبشع المفردات في القاموس السياسي والاجتماعي والانساني والاخلاقي …
ان ابناء السلطويين مكفولون وتُغطى احتياجاتهم كلها دون عناء ، بينما تعيش الملايين من العوائل العراقية تحت خط الفقر ، وبانتظار ان يتم انتشال أبنائها من وهدة الحرمان والبطالة .
ان السلطويين اقتطعوا الأراضي لأنفسهم في أحسن المواقع وأعْلاها ، مع ان الدولة قد وفرّت لهم أفضل المساكن، في حين أنَّ الملايين من العراقيين لايملكون في وطنهم شبراً واحداً …
أيحسبون أنهم بذلك ينالون رضا الله أو رضا الشعب ؟!!
انها عندهم الفرصة المتاحة التي يريدون احتلابها ، بعيداً عن التفكير بمشكلات السكن عند البائسين والمستضعفين والفقراء ..!!
وعلى هذه فَقِسْ ما سواها …
ولا أدري كيف يُريد من كان يعتاش على الصدقات التي كانت تقدّمها الدول للاجئين ، ان يتعامل معه الناس بثقة ومحبة ، وقد انتقل من خندق العوز والفقر المُدْقع الى موقع الثراء المُفْزِع ، من خلال موقعه السلطوي الذي استغله أبشع استغلال ، وخان به الوطن والمواطنين ؟!!
ان إطلاق صفة (اللصوص) على بعض كبار السلطويين ، لم تنشأ من فراغ ، وانما جاءت نتيجة معرفة معمقة بأوراق ملفاتهم بشكل كامل …
ويالها من فضيحة مخزية ، في هذه الدار ، وفي الدار الأخرى، يوم يقوم الناس للحساب بين يدي رب العالمين .
إنَّ الذين يُصرون على أخطائهم وخطاياهم، دون ان يبادروا الى التوبة النصوح ، هم الخاسرون في الدنيا والأخرة .
لن تنجيهم كراسيهم لانها ليست دائمة .
وحاشا للعدل الألهي ان يُسقِطَ من الحساب ما اقترفوه واجترحوه من ألوان الفساد والظلم .
[email protected]