إن إستعرضنا تأريخنا الإسلامي، نلاحظ أن أهل البيت وشيعتهم، تحملوا كثيراً من المصائب والمحن، أولها أحداث ما بعد وفاة الرسول الكريم محمد (عليه وعلى أله السلام)، وكيف إجتمعت المصائب، سيما وهجر نبيها في يوم رحيله، بيد أن شيعة أبي القاسم، لبست ثوب الصبر والعزاء، وودعت نبي الرحمة الى مثواه الأخير صابرة محتسبة.
دروس مجانية كتبها التاريخ، ليُعلم الناس القيمة الحقيقية للإنسان ، حين يرسم طريقه للنجاة، بموالاته الصادقة، لنبي الرحمة ولأهل بيته الأطهار، ويكسب أجرين، الأول حب أهل بيت النبوة، والثاني معرفة طريق الحق، للوصول الى مبتغى المسلم المؤمن، وهي الجنة.
شيعة الإمام علي (عليه السلام)، قدمت أرواحها فداء للدين المحمدي، وبروزا على معسكر الكفر والباطل، حاملين حب العترة الطاهرة في قلوبهم، متوكلين على العلي الأعلى، في التصدي لزمر النفاق والشقاق، فالمنجز المهم، الذي حققه هؤلاء الشيعة المتمرسون على الجهاد، هو إحياء معالم الدين، وفضل أهل البيت (عليهم السلام)، موقنين بأن الكتاب والعترة، هما حبل البارئ المتين، أما المنافقون، فهم مخلوقات من ورق أو طين، لا أقل من ذلك ولا أكثر.
إجتماع أمر المسلمين على الشورى، والغفلة عن حديث الثقلين في غدير خم، جعل من أصحاب الوصي المسدد، والولي المؤيد الإمام علي (عليه السلام)، شيعة مخلصين وصفوة مختارة، لحمل مشعل القيادة الربانية، للأمة الإسلامية في عمرها الفتي، فكان أمير المؤمنين بحق، الصديق الأكبر، والفاروق الأعظم، في زمن تلاطمت الأحكام، وظهرت البدع، فقاتل المارقين، والقاسطين، والخوارج، وألجم أفواههم، فولوا مدبرين، ومن يومها إشتعل الحقد السيفاني الأموي، على قاتل ذؤبان العرب، وشيوخها، وصناديدها.
إستدرار الحلاوة من الجرح، هو أجمل ما يقال، عن طبيعة الإنسان الشيعي، المتسلح بالعقيدة المخلصة للخالق، ولأولي الأمر من أهل بيت النبوة، فقد وهب الجهاديون أنفسهم، من أجل العرض، والأرض، والمقدسات، وهذا لم يأت من فراغ، بل أن الجينات الوراثية، التي يحملها أصحاب علي، موروثة في أصلاب أجدادهم العظام، الذين بذلوا مهجهم دون علي، والحسن، والحسين، وذرياتهم (عليهم السلام أجمعين)، فترى الشيعة رغم جراحاتهم، فرحين بتقديم دمائهم، إبتغاء مرضاته تعالى.
علينا أن نتعلم الدرس جيداً، ونسير على نهجهم، ونحب ثباتهم، وتضحياتهم وولائهم، ونختار طريق الحق رغم قلة سالكيه، أقول في نفسي ليتني لم أكن شيعياً، فأعلن تشيعي، لكي أكسب جنة، عرضها السماوات والأرض.
في عالمنا المعاصر دليل قاطع، على أن المكون الشيعي حمل أثقالاً على أكتافه، لينسج مخطوطة الحشد الشعبي، والجهاد الكفائي، بأحرف من نور، لأن تلبية النداء من أجل شركاء الوطن ولكل الديانات، وتحرير الأرض من الإرهاب الأموي، هو تتمة طبيعية، لمنهج المرجعية الرشيدة، وأنصار العقيدة التي بقيت صمام الأمان، لبلد علي والحسين (عليهما السلام)، ولتثبت للتأريخ والعالم، بأن الشيعة بطبيعتهم، مشاريع إستشهاد دائمة، من أجل الحق، والعدالة، والحرية، فهذا ذكر مبارك، لثلة مباركة، وحشد تقي، يحمل عقيدة نقية، فهنيئاً لي ولكم يا شيعة علي.