يبدو أن مايجري في الساحة الليبية اليوم،من تدخل وعدوان تركي سافر ، وتحولها لساحة صراع عسكري اقليمي – دولي ،هو خير شاهد على نتائج عدوان الناتو الغربي والعربي على ليبيا قبل تسعة أعوام ،فها هي ليبيا اليوم غارقة بالفوضى ،والإرهاب “المصطنع “الهادف إلى اعادة تفتيت الفسيفساء الليبية خدمة لمطامع ومشاريع غربية – صهيونية في ليبيا .
اليوم وبعد تسعة أعوام من غزو الناتو الغربي – العربي لليبيا ، يبدو واضحاً للجميع حجم الكارثة التي لحقت بالليبيين نتيجة هذا الغزو المحسوب الأهداف والنتائج ،فاليوم وللأسف تحولت ليبيا وبتأمر من بعض من يدعون أنهم من ابنائها لبؤرة استعمار جاذبة للقوى الاستعمارية الاقليمية والدولية ، وهذا التوريد المستمر للسلاح من بعض العواصم الغربية والإقليمية لليبيا يتزامن مع استمرار فصول الصراع العسكري على الارض والذي ترك بدوره عشرات الآلاف من القتلى والجرحى ومئات الالاف من المشردين والمهجرين واللاجئين ودماراً واضحاً وبطريقة ممنهجة لكافة البنى التحتية بالدولة الليبية.
وعلى مدار تسعة أعوام وأكثر وجدت ليبيا نفسها في خضم حرب عالمية في أشرس صورها، حرب معقدة مركبة للغاية أسقطت فيها كل المعايير الانسانية، آلاف من الإرهابيين العابرين للقارات ، وملايين الأطنان من الأسلحة سلحوا بها ودمروا بها مدن ليبية بأكملها وقتلوا اهلها وضربوا بها مقومات حياة المواطن الليبي ، وحاربوه حتى في لقمة عيشه اليومية، حرب معقدة قوامها الكذب والنفاق والمصالح ، وليس لها أي علاقة بكل الشعارات المخادعة التي تتستر بها، وفي ليبيا تفاصيل الحرب جهزت على مراحل وحلقات وبمشاركة دول عربية وإقليمية.
غزو حلف الناتو الغربي – العربي لليبيا قبل تسعة أعوام عكس بالضرورة حجم الأهداف والرهانات المتعلقة بكل ما جري في ليبيا ، وهي أهداف تتداخل فيها الحسابات الدولية مع الحسابات الإقليمية، كما تتداخل فيها ملفات المنطقة العربية والثروات الطبيعية فيها وموقعها الجيو- سياسي إلى أقصى الحدود .
ومن هنا يمكن القول إنه بات من الواضح أنه ومنذ مطلع عام 2011وتحديداً منذ تاريخ 19-3-2011، قد تحولت ليبيا ونتيجة الغزو المتمثل بتحالف بعض العرب وتركيا مع حلف الناتو ،إلى دولة معدومة الاستقرار وهذا الحال يبدو أنه سيستمر لأعوام قادمة على الاقل ،فقد عشنا منذ مطلع أولى ايام العام الحالي2020 تحديداً على تطورات دراماتيكية “دموية”، عاشتها الدولة الليبية من شمالها الى جنوبها، ومن غربها الى شرقها، والواضح أنها ستمتد على امتداد العام “2020” ، فقد اشتعلت جبهات عدة على امتداد الجغرافيا الليبية، وفي شكل سريع ومفاجئ جداً، في ظل دخول متغيرات وعوامل جديدة وفرض واقع وايقاع جديد للخريطة العسكرية الليبية، وخصوصاً بعد الحديث التركي عن قرب نشر قوات احتلال تركي في ليبيا .
هذا الواقع الذي فرض نفسه بليبيا عسكرياً،وتحديداً بالعاصمة الليبية طرابس ،وبعض مدن الجنوب والشرق الليبي النفطية يدلل بشكل كارثي على الحالة الماسأوية للشعب الليبي وللدولة الليبية بكل أركانها ،فقد فرض الواقع العسكري نفسه وبقوة ،على كل التجليات المأساوية التي عاشتها الدولة الليبية مؤخراً ، فقد شهدت البلاد خلال الأشهر الثلاث الماضية ،صراعاً دموياً مدعوم بأجندات خارجية .
وقد أرتبط هذا الصراع المحلي بصراع اقليمي – دولي ،مما ينذر بالمزيد من الفوضى داخل الدولة الليبية مستقبلاً ،وهذا بمجموعه كان مخططاً له من قبل حلف الناتو عندما قرر غزو ليبيا فهذا الحلف رسم مستقبلاً قاتم المعالم للدولة الليبية لابقائها بحالة اللاسلم واللاحرب ،في ظل غياب أي سلطة فعلية للدولة الليبية على الارض، والمتزامن مع عودة ظهور جماعات متطرفة متواجدة بشرق وجنوب شرق ليبيا ،كانت أعلنت ولائها ومبايعتها بوقت سابق “2016” لتنظيم داعش ،وهذا ما سيزيد التعقيد المستقبلي للحالة الليبية المضطربة اصلاً ،وهذا الوضع كما تحدثنا قد يستمر لأعوام قادمة قبل الحديث عن حلحلة الوضع والملف الليبي.
ختاماً ، وبعد مرور تسعة أعوام من غزو حلف الناتو وبدعم عربي للأراضي الليبية، يمكن القول ان المشهد الليبي يزداد تعقيداً مع مرور الأيام ،وهذا ما يستلزم وضع خطوط عمل فاعلة على الارض الليبية من قبل بعض القوى الليبية الوطنية ،لوضع حد للفوضى وتنسيق حلول مقبولة ،لأيقاف حالة النزيف التي يتعرض لها الوطن الليبي ،والا ستبقى ليبيا الدولة بكل مكوناتها تدور بفلك فوضوي طويل عنوانه العريض هو الفوضى والصراع الدائم على الأرض الليبية،والخاسر الوحيد من هذه الفوضى هو الشعب الليبي الذي يدفع اليوم من دمه ومن مستقبله ومستقبل اجياله القادمة ضريبة خطأ تاريخي كبير ارتكبه بعض ابناء الشعب الليبي الذين شاركوا بوعي أوبلا وعي بمشروع تدمير ليبيا !!؟؟…