22 ديسمبر، 2024 11:23 م

لو يعاقب من يخوض في غير تخصصه لما تحدث العلماني عن الدين

لو يعاقب من يخوض في غير تخصصه لما تحدث العلماني عن الدين

لو طلب من شخص ان يلقي محاضرة في علم الطب وهو متخصص بالهندسة فانه سيعتذر لانه لو فعل سينفضح ، ولو طلب من مهندس ان يلقي محاضرة عن الفلك ، سيعتذر ولو اقحم نفسه في هذا المجال فانه يعلم سيكون محل انتقاد ، هكذا كل التخصصات التي تحمل شهادة مهنية وهذا الاعتبار هو المعروف ، نعم هنالك من يدعي انه طبيب او مهندس ولكنه يقوم بتزوير شهادة بالتخصص حتى يدعي المهنة زيفا .

ولكن كل هؤلاء اصحاب الشهادات لا يجد حرج عندما يخوض في علوم الدين بل ياتي بافكار غريبة ولا علاقة لها اصلا بالدين كغرابة علاقة استخراج النفط من صناعة الباسطرمة ، بل الاسوء من ذلك ان هنالك عقولا تروج لهذه الافكار وهنالك من يقتنع ويمنح صاحبها بروفسور ، خذوا مثلا وانا اقرا محاضرة للاستاذ عبد المجيد الشرفي تونسي الجنسية يقول اذا اريد للحرية والمساواة ان تتحقق بين الرجل والمراة فانه يجب فرض الخمار على الرجل ، ومن هذا القبيل الكثير الكثير ، وهناك حتى من يخوض بالتفاسير وكانه مهنة مفتوح بابها على مصراعيها لمن لديه لباقة كلامية .

وفي نفس الوقت يكون رجل الدين محل انتقاد عندما يتسنم منصبا ليس من تخصصه ولكنه يتحجج بان الدين يشمل كل العلوم ، وهنا الطامة الكبرى التي اتاحت للافكار الاخرى نقد الاسلام ، اضف الى ذلك هنالك من اعتمد الزي الديني وهو يخوض مجالات مهنية اخرى ليدلل للاخرين ان المتدين يحق له ذلك ، ومن قال انه لا يحق له ذلك ؟ الذي لا يحق له ذلك ان الزي الديني هو زي خاص بمن يشتغل بالعلوم الدينية من اساتذة وامامة جماعة وقضاة وليس مهن اخرى بل لربما توحي الى امور قد تنال من صاحبها .

ولان الدراسات الدينية الحوزوية مفتوحة المجال للجميع ولها شهادة لا علاقة لها بالشهادات الاكاديمية ،تصبح محل انتقاد وعدم اعتراف، اما الكليات الخاصة بالدراسات الاسلامية او الشريعة فان الخريج يكون معلم او مدرس او استاذ ، بالاغلب الاعم ، وكلية الشريعة قد تسمح له لان يعمل في مجال القضاء والاحوال الجنسية وكلها لا تسمح له خوض مجال الطب او الصيدلة او الهندسة وبشكل رسمي وعلني بل يحاسب عليه القانون على عكس من يخوض بالدين وهو ليس من اختصاصه فلا رادع له .

الاسلام مجموعة مذاهب ومن يريد دراسة الاسلام عليه ان يقرا كل المذاهب لا ان يعتمد مذهبا واحدا ويبدا بالانتقاد ، وهذا هو مبدا العلمانية فانها خالية من التراث والاسس الفكرية بل اسسها الفكرية نقد الاخر واقتباس الجيد وتنسيبه لهم ، وهذا ما لاحظته ان لم يكن الكل بل الاغلب من علماني شمال افريقا العرب انهم ينتقدون الاسلام من خلال ابن تيمية والبخاري بل في بعض انتقاداتهم يستشهدون بالكتب الامامية دون معرفة من هم الامامية مثلا مالك عبد النبي ينتقد بعض الشخصيات الوهمية في الاسلام معتمدا على كتاب السيد مرتضى العسكري ( اكثر من 150 صحابي مختلق) واخر ينتقد حاكمية معاوية ومن خلاله ينتقد حاكمية الاسلام ولا اعلم لماذا لا ينظر الى حاكمية الامام علي عليه السلام الذي حاول معاوية منازعته عليها تحت غطاء الاسلام بينما الطرف الاخر هو الاسلام وروح الاسلام .

مشكلة الكون العدالة والعدالة لا تتحقق الا بقانون رصين ومتين ، وهذا القانون من له الحق بتشريعه؟ ، قد لا تعرف هويته بالاسم ولكن مؤهلاته يجب ان يعرف ذوات الاشياء التي لها علاقة بالقانون وخصوصياتها ولا يستبعد اي حالة تستحق تشريع طالما ان المنطق يحكم بها وفق ظروف خاصة يمكن ان تتوفر في المستقبل ، لا ان يستبعد حالة ما لا يمكن ان تتحقق وفق العقل باعتبارات الاخلاق والشذوذ .