الزحف نحو مملكة الخالق الأبدية، يحتاج الى الإخلاص في النية والعزم والتوكل، وعند ذلك يتكلل العمل بالنجاح والخلود السرمدي، ولكن السؤال المطروح، لماذا يتصرف بعض الناس، بسلوكيات معادية للبشرية والإنسانية؟، ترى هل أصبح زمن مكارم الأخلاق والفضائل والمعالي، عرضة للإستهلاك والإستهزاء والإنقراض، وفي القريب العاجل؟.
صاحب الفكر الحر يجتاح القلوب قبل العقول، كما أنه لا يسمع الجدران، رغم أن الجماد يمكن أن يتحدث في حوار بداخله ولا يسمعه أحد، ولكنه يرسم صورة الأوطان التي تبنى بالقلم وليس بالثرثرة، فالكلمة عالم لا نستطيع السيطرة عليه، ويكيفها وصفاً لتعني التعب والغضب والشغب!.
لو كان المسيح (عليه السلام) يعرف ان كلماته سيساء إستعمالها، لما تفوه بتلك الكلمات أبداً، لأنهم لا يتذكرون الإنجيل بأكمله ولا يطبقونه، وإلا ما معنى ان يشجعهم في قوله: (طوبى للرحماء ولأتقياء القلوب ولصانعي السلام) أليس ذلك تأكيد على مبدأ الحوار والتسامح، والتراحم والتعايش السلمي؟.
كلمات المسيح (عليه السلام) قابلة للتطبيق والممارسة في عراقنا، لأن التعاليم الحميدة مؤكد عليها بجميع الأديان السماوية، مثل نبذ العنف ونزع فتيل الإرهاب والتطرف، وإشاعة ثقافة التنوع الاجتماعي، لأن ذلك يغني حضارتنا العريقة ويعمق أصالتنا الإنسانية، ويدلل على قبول الآخر دون تمييز أو تفضيل وتهميش.
لا يمتلك الظالمون هذا الرأي، ولا يشكل عندهم أي قيمة متميزة، لأنهم نشأوا في دهاليز مظلمة، وفي زمان مخيف، وبإدارة قذرة، ثم طرحوا وحوشاً ضارية بدأت تنهش تأريخنا وهويتنا، وجعلوا من العدالة والتعاون، والمساواة والمواطنة، كلمات مجردة من محتواها، وما يفلح الظالمون وإن ربك لبالمرصاد.
قمع للحريات، وقتل مجاني بالجملة، وصراع طائفي، وفكر تكفيري متشدد، وسلب للحقوق والأعراض، وتدمير للبشر والحجر، ومع كل هذا الخراب والفوضى، المخالف للطبيعة والعقل، نشاهد كوكبة من الأحرار، يحملون أجسادهم بفخر على طريق الحرية الحمراء، وتلك الأمثال نضربها للناس، وما يعقلها إلا ذو حظ عظيم.