23 ديسمبر، 2024 9:36 ص

لو كان الفقر رجلاً لقتلته

لو كان الفقر رجلاً لقتلته

الفقر في العراق هو الأعلى منذ قرن حيث بينت الامم المتحدة ان 7مليون عراقي بحاجة إلى مساعدة و3 من بين 10 عوائل تعاني للفقر و5%معدومون ونسبة الفقر تتراوح بين 30_35% وأوضح البنك الدولي في المناطق المنكوبة تجاوزت 41% وفي اقليم كردستان نحو13% ومدن الوسط 23%ومدن الجنوب 30%كما أشار البنك الدولي ان 23% من اطفال العراق يعانون الفقر ونقص الغذاء وارجعت مصادر الأمم المتحدة ان أسباب الفقر في العراق يعود اولا للفساد الحكومي والخلافات السياسية وسوء الادارة المالية الحكومية وارتفاع نسب البطالة والنزوح والتهجير ؛وأضافت ان العراق يصدر يوميا نحو 3،6مليون برميل نفط يوميا وبلغت الإيرادات أكثر من 7 ونصف مليار دولار شهريا
كل هذا لا يهم ؛بالعراق يطفو فوق الذهب الأسود وفيه 10 مليون عراقي جائع وفيه حكومة وبرلمان ووزراء ومدراء عامون وقادة عسكريون وأحزاب ومليشيات لهم حصص من السرقات والفساد السياسي والإداري والمالي لا تهم مصلحة الوطن وخدمة المواطن حتى لو ارتفع الجياع للضعف !!!
وتساءل من يقف وراء قتل العراقيين؟؟ من خلال صناعة الجوع فيه، وإضعافه، ونشر الفوضى فيه، ومنعه من النهوض ليصبح دولة مزدهرة متقدمة يعيش شعبها بكرامة، علما أن جميع مقومات الدولة القوية متوافرة في هذا العراق، فمن يمنعه من تحقيق هذا الهدف الانساني المشروع، ومن يقف وراء صناعة الجوع لتدمير العراق والعراقيين،؟ وما هي الأساليب التي اتّبعوها ولا زالوا يتبعونها حتى هذه اللحظة لتحقيق هذا المأرب الذي يرقى لمستوى الجريمة، ألا وهي جريمة (الإبادة الجماعية)!!.وتدمير صناعته وزراعته وثرواته السمكية والحيوانية صنعت الفوضى في العراق، وهي الدول والقوى التي اشترك في جعل العراق دولة ضعيفة، لا يعمل فيها القانون ولا القضاء، وليست فيه مؤسسات قوية، كذلك عملت هذه الأطراف على تدمير قطاع الكهرباء، ونشر الفساد في البلاد، وخاصة في القضاء وفي قطاع الكهرباء، وبسبب ذلك، أقفلت آلاف المعامل الصغيرة والكبيرة أبوابها وسرحت عمالها.قد تحوّل العراق بسبب سياسة التجويع التي تشنها بعض الدول المجاورة للعراق، والقوى العالمية المعادية لشعبه، الى سوق كبيرة لهذه الدول والشركات وسواها، ممن وجد في العراق (كعكة) يظن أن له حصة فيها!!، بل يذهب كثيرون (سياسيون رسميون يقودون دولا)، الى اعتبار ثروة العراق ليست للعراقيين؟؟!! مع أنهم ودولهم يمتلكون أكثر من شعب العراق، ومع ذلك يطمعون بخيرات هذا البلد، فيعمدون الى سياسة تدميرية لمؤسساته واقتصاده وصناعته وزراعته، وأمنه، ليحققوا بالنتيجة الهدف الأول لهم، ألا وهو جعل العراقيين يعيشون تحت خط الفقر.. باستثناء الطبقة الحاكمة!!.
بمعنى أن الهدف لهذه الدول والقوى المتشابهة معها في الأهداف، جعل الشعب العراقي جائعا مهدّدا في أمنه ومأكله وثروته، وجعل الدولة العراقية ضعيفة تعيث فيها الفوضى فسادا، ولا قانون يحكمها، وقد حرصت هذه الدول فعلا، على جعل العراق بهذه المواصفات، حتى يسهل لها السيطرة عليه سياسيا واقتصاديا، من دون أي وازع إنساني او أخلاقي أو ديني
وحين استيقظ العراقيون من غفلتهم (ومن نومة أهل الكهف)، ليجدوا الفساد ينخر في دولتهم وجسدهم، ويحاصرهم الجوع من كل حدب وصوب، ويفتك بهم الموت بكل أشكاله، في الداخل والخارج،!! فالموت بسبب الإرهاب يطولهم في كل لحظة وفي كل مكان داخل بلدهم بسبب ضعف الأجهزة الاستخبارية، وحتى الذين يهربون منه الى المنافي، سرعان ما يصبحون طعاما لحيتان البحار وصفقات التهريب، فيما بات الشعب كله لقمة سائغة لحيتان الفساد في الداخل.
وبعد كل هذا، ماذا سيخسر العراقيون عندما ينتفضون على الموت الذي يحاصرهم، وما الذي ينتظرونه للقضاء على صناعة الجوع ومن يقف وراءها في الداخل والخارج؟، إن المؤشرات التي بات يفرزها الواقع، كلها تؤكد أن (المارد) خرج من قمقمه، وأن القضاء على أسباب ومسببي الفساد صار هدفا للجميع، وأن صنّاع الجوع لم يعد لهم مكانا في العراق، إلا إذا تغيّرت سياساتهم وفق الوعي العراقي الجديد. وليتذكروا ((لو كان الفقر رجلا لقتلته)) الإمام علي عليه السلام هذه المقولة الفائقة الدلالة والقوة والمضمون لم يقلها إنسانا عاديا او انفعالياالعوز الدافع نحو توجهين وطريقين متناسبين مع درجة وعي وحصانة وتربية ذات الفرد المعوز… فهي إما تدفع الفرد باتجاه القردنة والثعلبة والتسول الأخلاقي أي ما يقود نحو الانحراف والمسكنة ومهادنة المسئول واندثار القيم الايجابية مما يجر الى الفساد والنفاق وانتشار الأمراض الاجتماعية المختلفة كالسرقة والرشوة والاحتيال والكسب غير المشروع والسكوت على الظلم…. وهو حال الكثير ممن والوا الأمراء والملوك والسلاطين في الماضي والحاضر، لا بل هم وسيلته في قمع وقتل أهل الحق والعدل…وإما ان يقود نحو إدراك السبب الكامن وراء الفقر والعوز وخصوصا من قبل أصحاب السلطة والثروة والجاه، مما يدفع المعوز الى الثورة ضد هذه السلطات والمهيمنين على الحكم باعتبارهم السبب الرئيسي وراء عوزه ومذلته وفاقته واستحواذهم على الثروة ومصادر إنتاجها وتكاثرها
وهنا نسأل ماذا يقول سادة العروش وأصحاب الكروش والمناصب العليا وحواشيهم ممن استأثروا بالثروة والمال العام.. وخصوصا في عراقنا اليوم… بلد تزيد ميزانيته السنوية على ((100)) مليار دولار ، في حين يعيش اكثر من ربع سكانه تحت خط الفقر وحالة من العوز والحرمان… أغلبية شعبية تعيش في ظل أسوا الخدمات ومنها الكهرباء والماء والسكن والخدمات الصحية…..
يشار للفاسد ولكنه لا يحاسب … يشخص السارق والمختلس ولكنه لا يحاكم … القضاء يحكم و أحكامه لا تنفذ او تنقض ، حاكم يتنكر لأصوات المظلومين ويتستر على المفسدين… قصور تناطح السماء وخرائب تعانق الأرض… فما هو قولنا وما هو فعلنا ونحن نشهد آلاف الأطفال الجياع والنساء المتسولات والشيوخ المرضى ، وآلاف بيوت الصفيح … وبماذا سيتعذر وبماذا يبرر أمام قولك يا علي (رض) من امتلكوا الضياع والقصور واختزنوا الذهب والفضة والدولار، ماذا سيقول أمامك من يدعي انه من أتباعك وهو يغش قوت الشعب ويسرق أمواله ، أموال العاجز واليتيم، ماذا يقول من يبات متخما وحوله ملايين الجياع؟؟