منارة الحدباء هي الجزء الوحيد المتبقي من جامع النوري الذي بناه عز الدين زنكي أحد سلاطين الدولة الأيوبية في القرن السادس الهجري وهي عبارة عن مأذنة لذلك الجامع, وتعد معلماً حضارياً وثقافياً وأثرياً من معالم الدولة الإسلامية, فهي لا تعتبر رمزاً لطائفة أو مذهب معين ولا لديانة أخرى غير الدين الإسلامي, ومع ذلك أقدم دواعش الفكر والمنهج والسلوك على هدم وتفجير هذه المأذنة والمعلم الإسلامي والثقافي والحضاري!! في خطوة كاشفة عن حقدهم الدفين على الإسلام وعلى المسلمين لتكشف زيف شعاراتهم التي رفعوها في الدفاع عن بلاد الإسلام والمسلمين.
وهذا ليس بجديد أو حديث عهد بهم بل له امتداد تاريخي, فقد خربوا البيت المقدس من أجل مصالحهم ومناصبهم في زمن الدولة الأيوبية وهذا ما يذكره ابن الأثير في كتابه الكامل في التاريخ في الجزء العاشر الصفحة 307 يقول ابن الأثير (( لَمَّا مَلَكَ الْفِرِنْجُ دِمْيَاطَ أَقَامُوا بِهَا، وَبَثُّوا سَرَايَاهُمْ فِي كُلِّ مَا جَاوَرَهُمْ مِنِ الْبِلَادِ، يَنْهَبُونَ وَيَقْتُلُونَ، فَجَلَا أَهْلُهَا عَنْهَا، وَشَرَعُوا فِي عِمَارَتِهَا وَتَحْصِينِهَا، وَبَالَغُوا فِي ذَلِكَ حَتَّى إِنَّهَا بَقِيَتْ لَا تُرَامُ. ..وَأَمَّا الْمَلِكُ الْكَامِلُ فَإِنَّهُ أَقَامَ بِالْقُرْبِ مِنْهُمْ فِي أَطْرَافِ بِلَادِهِ يَحْمِيهَا مِنْهُمْ. …. وَلَمَّا سَمِعَ الْفِرِنْجُ فِي بِلَادِهِمْ بِفَتْحِ دِمْيَاطَ عَلَى أَصْحَابِهِمْ أَقْبَلُوا إِلَيْهِمْ يُهْرَعُونَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ، وَأَصْبَحَتْ دَارَ هِجْرَتِهِمْ….وَعَادَ الْمَلِكُ الْمُعَظَّمُ صَاحِبُ دِمَشْقَ إِلَى الشَّامِ فَخَرَّبَ الْبَيْتَ الْمُقَدَّسَ…))!!!
الملك العادل المعظم يُخرب البيت المقدس !! لماذا لأنه خاف على ملكه وعلى سلطانه, فكما يقول المحقق الأستاذ الصرخي ((ملوك وسلاطين الدول الإسلاميّة يخرِّبون البيتَ المقدَّس بأيديهم!!! فيا ابن تيمية ويا مارقة هل عندكم ابن العلقمي هنا، أو الطوسي، أو ابن سبأ، أو الإسماعيلي، أو الفاطمي، أو الزيدي، أو الامامي الإثنا عشري، تعَلِّقون عليهم فَشَلَكُم وخيانتَكم وانحرافَكم وفسادَكم وعارَكم؟!! )) هل هناك من تعامل مع المحتل ومع الفرس ومع الفرنج وخرب بلاد الإسلام أو هو الملك العادل الذي يمتدحه أئمتكم وشيوخكم ؟!.. وعلى هذا النهج سار ويسير الدواعش, فهم يسعون لخراب كل معالم إسلامية مقدسة, حتى قبر النبي محمد ” صلى الله عليه وآله وسلم ” يسعون لتهديمه وتخريبه وهذا ابن عثيمين في أحدى دروسه يكشف عن مدى رغبته في تهديم قبة قبر النبي ” صلى الله عليه وآله وسلم ” ومن يريد أن يتأكد فقط يكتب في شريط البحث في موقع اليوتيوب العنوان التالي (بن عثيمين يتمنى هدم قبة رسول الله ) حيث يقول ابن عثيمين ” القبة عاد عسى الله يسهل هدمها !!” وهنا نلاحظ أنهم حتى قبر الرسول ” صلى الله عليه وآله وسلم” الذي يتظاهرون بالسير على سنته يتمنون تخريب قبره الشريف وحاولوا ذلك فعلا لكن قدرة الله سبحانه وتعالى حالت دون ذلك, فمن يقدم على هذا الفعل فهل يمتنع من تهديم منارة مسجد أو مسجد أو قبر أو ضريح لنبي !! فهؤلاء الدواعش هناك من يشرعن لهم كل جرائمهم ولا خلاص منهم إلا بالقضاء على المنبع الفكري الذي يشرعن لهم جرائمهم ضد الإنسانية والحضارة والثقافة.