18 ديسمبر، 2024 8:45 م

كم هي جميلة هذه العبارة حينما تخرج من فم الولي الطاهر الشهيد محمد الصدر(قدس)…ولكن هل فكر أحد فيها؟ خصوصا أننا نسمع كلمات وعبارات مشابهة لها من قبل بعض المثقفين والادباء والأعلاميين كعبارة (إن صح التعبير) وعبارة (إذا جاز التعبير)….الخ

ولكن الشهيد الصدر(قدس) لم يستعمل سوى عبارة (لو صح التعبير) فلماذا؟

إن إستعمال الشهيد محمد الصدر(قدس) لهذه العبارة يؤكد بوضوح أنه قد بلغ رتبة الإجتهاد في علوم اللغة العربية كالنحو والصرف والبلاغة وفقه اللغة والأدب والشعر…..الخ

وإن إستعمال عبارة لو صح التعبيرلا يستطيع أحد إستعمالها في جميع مواردها ويطبقها تطبيقا صحيحا في كل الاستعمالات إلا من بلغ رتبة الاجتهاد في علوم اللغة بصورة عامة وعلم اصول الفقه بصورة خاصة لأن مبحث الألفاظ من أهم مباحث هذا العلم وبالتالي فإن علوم اللغة العربية تكون من أهم مقدمات هذا المبحث كما هو معلوم لدى أهل العلم !!!

إن عبارة (لو صح التعبير) تدل على أن التعبير لايصح استعماله حقيقة أو مجازا لأن (لو) حرف إمتناع أي أن هذا التعبير ممتنع الصحة قطعا !!!!

وليس من السهل اليسير على المثقف أن يعلم صحة الاستعمال الحقيقي والمجازي من عدمهما بل يحتاج الى الاحاطة التامة التي تعني بكل وضوح الاجتهاد وليست المسألة مقتصرة على الاستعمال الحقيقي والمجازي بل الموضوع يتعدى هذين الجانبين ليشمل الجانب النحوي والصرفي وصحة النطق للمفردة والتركيب بين المفردات وغيرها كثير من الجوانب التي غابت على الكثير ممن يهتمون باللغة والأدب والشعر!!!!!!

فلعل التعبير يكون إستعماله حقيقيا ولكنه قد يكون جمعه غير صحيح مثال ذلك كلمة نهارات فهذا الجمع ليس صحيحا كما أشار السيد الشهيد محمد الصدر(قدس) في دروسه الاصولية لأن نهار مذكر وليس مؤنث فليس من الصحيح جمعه جمع مؤنث سالم ويقول الشهيد محمد الصدر(قدس) ولكنني إستعملت هذا الكلمة غير الصحيحة في منهج الصالحين يقصد نهارات لأجل إيصال الفكرة ولو بالتعبير غير الصحيح وهذا الكلام بحد ذاته يحتاج الى دراسة أو بحث أو مقالة وهو يرتبط كما سوف أوضح بمسألة البلاغة!!!!!!

فالإحاطة التامة بعلوم اللغة المتنوعة هي التي من خلالها يقطع المتكلم بصحة التعبير من عدمها والمراد بالقطع هو اليقين الذي لا يشوبه شك أو إحتمال!!!!!

إن السيد الشهيد محمد الصدر(قدس) بما لديه من علم ومعرفة لا يوجد في ذهنه ووجدانه شك أو إحتمال في إستعمال أي تعبير….فهو يعلم علم اليقين التعبير الصحيح من التعبير غير الصحيح ولذلك لا نجده يستعمل العبائر الاخرى (إن جاز التعبير أو إن صح التعبير أو إذا صح التعبير أو إذا جاز التعبير….الخ) بل كان يؤكد في خطبه ومحاضراته ودروسه ومؤلفاته على إستعمال لو صح التعبير!!!!!

وقد إتضح السبب في هذا الاصرار على إستعمال هذه العبارة (لو صح التعبير) دون غيرها لأن تلك العبائر تستعمل فيما إذا كان الشخص غير متأكد من صحة التعبير بمعنى أنه يحتمل صحة التعبير أو يشك به والاحتمال والشك هما من أقسام الجهل كما لا يخفى!!! وحتى لو كان المتكلم يظن بصحة التعبير فالظن ليس يقينا وبالتالي يكون إستعمال الاداة (إن) هو الاستعمال المناسب أما الشهيد محمد الصدر(قدس) فهو في غنى عن إستعمال (إن جاز التعبير أو إذا صح التعبير) لأنه ليس شاكا أو ظانا بصحة التعبير بل هو دائما يحصل له القطع واليقين لأنه مجتهد في علم الاصول وعلوم اللغة العربية!!!!

فهناك فرق بين الاداة (إذا) أو(إن) والأداة (لو) فالاداة (إن أو إذا) تستعمل مع الشك والاحتمال أما الاداة (لو) فهي تستعمل لما هو ممتنع ومستحيل ولذلك تسمى حرف أمتناع لإمتناع يعني أن التعبير يمتنع أن يكون صحيحا وهذاهو القطع واليقين بعدم صحة التعبير وجوازه……

إن الشئ الطريف الذي أود ذكره مما يرتبط بهذا الموضوع أن هنالك الكثير ممن يجهل علوم اللغة العربية يستعمل عبارة (لو صح التعبير) لأسباب متعددة لعل أهمها هو حبه للشهيد محمد الصدر(قدس) وهناك البعض لا يستعمل هذه العبارة لبغضه للشهيد محمد الصدر(قدس) ولا يحتاج أن أعلق على هذا بل أن ما ذكرته كاف في التعليق عليه وقد إتضح الامر من خلال ما سبق فأن المسألة غير مرتبطة بالعاطفة ولكن ليعلم المبغض والمحب على حد سواء أن الشهيد محمد الصدر(قدس) كان بحق عالما ربانيا ومرجعا عظيما ووليا مقدسا وواعظا ناطقا وعابدا عارفا……الخ

ولابد من الاشارة الى شئ في غاية الأهمية يصلح أن يكون مؤيدا لهذا البحث أنه كانت ترد على السيد القائد مقتدى الصدر(دام تأييده) بعض الإسئلة من قبل بعض المؤمنين يتضمن السؤال عبارة (لو صح التعبير) فكان السيد مقتدى الصدر(دام عزه) يشطب عليها بإعتبارها تمثل خطأ من قبل صاحب السؤال وهذا الأمرقد تكرر كثيرا وقد إنتبه إليه أحد طلابي ممن درس عندي فكرة استعمال عبارة (لو صح التعبير) فقال لي أنا فهمت لماذا يعترض السيد مقتدى الصدر(دام تأييده) ويشطب هذه العبارة وهذا الأمر ليس غريبا من قبل السيد مقتدى الصدر(دام تأييده) فهو أدرى الناس وأعلمهم بفكر والده الشهيد السعيد محمد الصدر(قدس)…

وقد يخطر سؤال في البال وحاصله أن التعبير عندما يكون مقطوعا بعدم صحته فلماذا يلجأ الشهيد محمد الصدر(قدس) الى إستعماله؟؟؟؟

ويمكن الجواب عن هذا السؤال بعدة أجوبة:-

الجواب الأول: أن كلمة لو كافية للجواب عن هذا السؤال.

الجواب الثاني:أن الشهيد محمد الصدر(قدس) دائما يستهدف هداية الناس وتعليمهم وإيصال الفكرة الى أذهانهم بأي وسيلة كانت حتى إذا تتطلب الأمر بالتعبير غير الصحيح أو باللهجة العامية!!!!!

الجواب الثالث: إن الشهيد محمد الصدر(قدس) يريد أن ينبه الجميع وخصوصا أهل الإختصاص على أخطائهم بمعنى أنهم يستعملون الكثير من التعابير غير الصحيحة دون أن يستعملوا عبارة (لو صح التعبير) أو بعضهم يستعمل الاداة (إن) أو الأداة (إذا) في موارد لا يحتمل أن يكون التعبير فيها صحيحا إطلاقا!!!!

الجواب الرابع: أن السيد الشهيد محمد الصدر(قدس) يستعمل نظام الاطروحات في التأليف والتفكير فتكون هذه العبارة(لو صح التعبير ) من تطبيقات ذلك النظام الرائع….

الجواب الخامس: أن البلاغة تقتضي أن يتكلم السيد الشهيد محمد الصدر(قدس) بتعابير تؤدي الى فهم السامع بدون تعقيد وتكلف وهذا الأمر أحيانا لا يتحقق بالتعابير المعقدة الصحيحة لغويا..فالبلاغة هي أن يفهم الناس كلام المتكلم لا العكس!!!!

الجواب السادس:إن اللغة العربية تشتمل على أسلوبين في التعبير الأسلوب الأول أسلوب اللغة القديمة والأسلوب الآخر أسلوب اللغة الحديثة وميزة اللغة الحديثة هي تمثل اللغة الفعلية لأبناء اللغة العربية وكثيرا ما تشتمل اللغة الحديثة على تعابير غير صحيحة لغويا وإن توهم صحتها الكثير ولكن نقطة قوتها أنها تمثل اللغة الفعلية التي يفهمها بوضوح أبناء اللغة العربية وهذا يمثل ضرورة ملحة في إستعمال اللغة الحديثة وإن كانت غير صحيحة لغويا!!!!

الجواب السابع: ولعله بالحكمة الإلهية يعني من دون أن يستهدف الشهيد محمد الصدر(قدس) ذلك أن الله سبحانه وتعالى يريد أن يكشف للناس بصورة عامة وأهل الإختصاص بصورة خاصة المستوى العلمي العالي الرفيع للشهيد محمد الصدر(قدس) كي يكون حجة عليهم لأن إستعمال (لو صح التعبير) لوحده دليل كاف على إثبات أعلميته المطلقة!!!!

وبعد هذه الاجوبة أوجه دعوة لكل الباحثين والمفكرين والمثقفين الى التفكر والإهتمام بفكر وإرث الشهيد محمد الصدر(قدس) بأساليبه المتنوعة الرائعة في التعبير وفي التربية والتعليم فضلا عن الجوانب المعرفية الاخرى