18 ديسمبر، 2024 11:53 م

لو تأخذ صفر ننطيك مية!

لو تأخذ صفر ننطيك مية!

لسان حال اغلب جامعاتنا العراقية اليوم واخص بالذكر الاهلية والمسائية منها قولها للطالب (بس تعالوا) وحين يقول الطالب انا لا استطيع تحمل صعوبة المواد العلمية وانا لا استطيع النجاح يأتيه الرد سريعاً (لا تخاف لو تأخذ صفر ننطيك مية!) نعم هكذا كان ويكون وسيكون حتى يقرر القائمون على العملية التربوية والتعليمية وضع حد للتسيب والانحدار العلمي والفساد التربوي و الاكاديمي.
باركوا لي فقد نجحت!
قالها وهو مملوء دهشة وفرحة وغبطة ومفاجأة………… لقد نجحوني!
نجحوك؟ وكيف ذلك الم تنجح انت بتعبك وعلمك؟ الم تكن تتوقع النجاح!؟
كلا صدقوني فقد سلمت دفتر الاجابة فارغاً من الجواب ومملوءاً بالخزعبلات والشخابيط!
عجيب والله ! اذا كيف نجحت او بعبارة اخرى كيف نجحوك؟
انها عملية بسيطة جداً اخي الغالي وبعدة طرق سأفصلها لك بهدوء واتمنى ان يتسع صدرك وعقلك لاستيعابها:
– فبعض الاساتذة اخوتنا وحبايبنا فهم اما اقارب او معارف او جيران او اصدقاء الاصدقاء وانت تعرف (المعمورة) صغيرة وكلها تعرف كلها! فهؤلاء ما قصروا معنا (خففوا ايديهم بالتصحيح) وكانت النتيجة (نسبة النجاح 100%) وتحققت العبارة المشهورة ولكن بالعكس ( لم يرسب احد!)
– اما البعض الاخر فهؤلاء نص ونص مرة يضبطون علينا ومرة يفلتوها فنحن ما اعطيناهم مجال ثرنا عليهم ونظمنا مظاهرات ضدهم وضغطنا عليهم حتى استسلموا للأمر الواقع وايضاً (خففوا ايديهم بالتصحيح مجبرين) ونجحنا كلنا عندهم! ولا ننسى وقفة الكلية والجامعة الممتازة حيث (اجبرت) هؤلاء البعض على التساهل والتضحية بالرصانة والعلمية والمبادئ و(هالكلاوات!) على كولة العميد المحترم!
– واما البعض الاخير فهؤلاء (المعقدين) و(الي ممصخينها) و(الي ما ينطون الدرجة الا بميزان ذهب) والي (حريصين على الدولة كأنها مال الخلفوهم!) والي (قافلين كلش) وووو الخ من المواصفات الي قد تكون صحيحة الا ان الزمان والمكان غير مناسب لها فهؤلاء نجحنا عندهم بطلوع الروح وبعملية قيصرية مميزة اجراها جراحون مهرة ومن كل المستويات من رئيس قسم وعميد ورئيس جامعة ووزير واليك تفصيل النجاح الاصعب والامهر في التاريخ!
• بداية وقبل كل شيء قرر رئيس جامعتنا المحترم (الكريم جداً) ان لا يقل السعي السنوي لأي منا عن 15 او 18 من 50 وبذلك حصلنا على سعي غير يائس انا ومجموعة من اصدقائي (الابطال!) ممن لم نحقق اي درجة طيلة السنة في هذه المواد وبقي سعينا السنوي صفراً حتى اتتنا (رحمة وكرم) رئيس الجامعة المحترم!.
• بعدها وبعد ان قمنا بصولتنا للفرسان وتظاهرنا وطالبنا وملأنا الدنيا صراخاً وعويلاً جاءت لنا رحمة اخرى وكرم من نوع اخر حيث تشكلت لجنة للنظر في مطالبنا ورفع سقف السعي السنوي لنا واصبحت اقل السعيات لدينا 20 او 25 من 50 وايضاً لمن لم يحقق اي درجة حتى!
• وتأتي مكارم ومراحم اخرى كل يوم حيث تم خصم (ترك) سؤال او سؤالين لنا في الامتحان النهائي وقيل لنا ان اي سؤال لا تعرف اجابته فلا تتركه فارغ انقل صيغة السؤال فقط والباقي علينا (فلكل صيغة سؤال خُمس الدرجة اي 2 من 10 او 4 من 20 ) وهكذا حصلنا على 10 درجات من نقل الاسئلة فقط!
• وتتلاحق المكارم والمراحم التي تهدف الى ان ينجح الكل فقد اعطى وزير التعليم العالي (10) درجات لكل طالب لتغيير حالته من الرسوب الى الاكمال او من الاكمال الى النجاح والله يديمك يا وزير!
• هنا رأى رئيس جامعتنا المحترم ان الوزير قد ظهر كأنه اكرم منه وارحم فقرر ان يكون اكرم وارحم واعطف والطف ويعطي (10) درجات لكل مادة تزيد فيها نسبة الرسوب عن النصف او الثلث وهكذا جمعنا كلنا اكثر من (50  وهي درجة النجاح!) حتى لو كان استحقاقنا (صفر!)!
هل عرفت الان كيف نجحنا؟ فلا تستغرب ولا تعجب بعد هذا على شيء ابداً.
جميل جداً اخي الطالب البطل ولكن في خضم كل هذا اين دورك في النجاح؟ اين دراستك واين استفادتك من المادة واين جهدك وتعبك ورصيدك لحياة الغد واين ثروتك الحقيقية من معلومات تنطوي عليها شهادتك ونجاحك؟
عجباً لك ايها السائل كثير السؤال! لم تتعب نفسك وتتعبني معك؟
ومن قال لك ان من فتحوا هذه الجامعات يريدون علماً او فهماً او دراسة او تطوراً او رقياً؟ من كذب عليك وقال هذا؟
انها مراكز جمع للأموال وتجارة لن تبور ما دام هناك من يدفع من جهة ويحصل على نجاح (كوترة) من جهة اخرى ورحم الله المصطلحات التي ذكرتها في سؤالك الاخير فقد انتهى عهدها عندنا (في العراق) فنحن لا نتقدم الى مستقبل العلم والعمل بل نرجع دوماً الى الوراء في غياهب الجهل والعمى والله المستعان على الغد فما اقبحه وما اقتمه!
لكل قاعدة شواذ
لكي اكون منصفاً وصادقاً فيما اقول فأنا كطالب لا اعمم تجربتي على الجميع فهناك من نجحوا بجدهم وجهدهم وتعبهم واستحقاقهم وبلا مساعدة ولا مكرمة بل انهم اجتهدوا الى درجة اذهلت مدرسيهم وجعلتهم يستبشرون خيراً في بصيص امل لغد مشرق ومن هؤلاء المتميزين من يحققون مستويات علمية وعملية تنافس وتضاهي ما هو موجود في كل دول العالم الاخرى ولعمري فهؤلاء هم الامل للغد واما غيرهم فمهما كثروا فلن ينتجوا ولن يبدعوا فهي سنة الهية في الخلق قالها تعالى واثبتها في الوجود – فأما الزبد فيذهب جفاءاً واما ما ينفع الناس فيمكث في الارض- وانا لذلك من المنتظرون ولرؤية نتائجه من المتلهفون.