22 نوفمبر، 2024 11:32 م
Search
Close this search box.

لن ينزل البعير من على التلّ.

لن ينزل البعير من على التلّ.

صغاراً كنّا تلاميذ مدرسةٍ إبتدائيّة ، إذ تنطلق أصواتنا مرددين خلف معلّم القراءة ، إلى متى يبقى البعير على التلٍّ… ولم نكن آنذاك لحداثة أعمارنا نعرف ماذا يفعل البعير على التلٍّ؟ولماذا يجب أن يبقى إلى أن يأتي المساء؟ إذ إنّي لا أتذكّر أنّ المعلم القدير ( مدّ الله في عمره ، إذا كان حيّاً … ورحمه وغفر له إن كان ميّتاً؟ لا أتذكرّ أنّه شرح لنا الفكرة الأساسيّة من الدرس … أو الهدف والغاية منه..
فقط كنّا نردد كالببغاوات ما يقوله المعلّم ، وأصابعنا تحت كلمات الدرس في الكتاب ؟! كنّا منشغلين في أيّنا يرفع صوته أكثر من زميله، حتى يحوز على رضا المعلّم، وينال أستحسانه..!!
ومرّت السنين وإذا بنا نكتشف أشياءً وأشياء عن البعيرِ وتلّهِ السرمديّ …
لا أريد هنا أن تظنّ الظنون بحسنِ نيّة لجنة التأليف، أو وحدة المناهج في وزارة التربية آنذاك ، التي ألّفت هذا الكتاب وأختارت هذه القصّة لوضعها من ضمن الحصص التي يجب أن تدّرس لتلاميذ الأبتدائيّة..؟! مع العلم أنّ واضعي هذه القصّة كانوا وبالتأكيد يعتمدون على فهم ، وإدراك ، وبعد نظر المعلّم في إيصال المفاهيم ، والأهداف ، والغاية من الدّرس ..!
إذ إنّ لكلِّ درسٍ في الكتاب التعليميّ للطالب ، هدف وغاية ، ومفاهيم يجب أن تصل إلى أذهان التلاميذ ليكتسبوا التجربة ، والمفردات اللغوية الجديدة ، وتوسيع خيالهم ، ومداركهم الذهنيّة ،والعقليّة.
وكلّنا يعلم أنّ لكلٍّ قصّة بداية ونهاية ، إلاّ هذه فهي قد خلت من نهايتها إذ لا يعلم أيّ أحد من العالمين هل نزل البعير من على التلٍّ أم لا؟!!
ومنذ صعوده (الأكشر) ولحدٍّ هذا اليوم لم ينزل ، رغم مرور آلآف المساءات !
إنّ بعير السياسة اليوم في العراق قد ثبتت قوائمه بحبالٍ لا تفلّ فوق التلِّ؟! وقد أصابه الضعف ، والذّلّ ، والهوان …. فلا هو قادرٌ على تقطيعِ حبالهِ والنزولِ من على التلِّ ، ولا هناك من له الشجاعة ، والهمّة ، والمسؤوليّة في فكّ حبالهِ، والنزولِ به إلى سهل الأرض أو على الأقلِّ سفحِ التلّ..؟!
يا أصحاب بعران السياسة ، الصاعدة فوق التلّ ، يا من تخوضون في دمائنا بمواقفكم السياسيّة المتعنّتة ، يا من تتصارعون على كرسيّ المنصب ، وبسببكم نفجّر ، ونقتل ، ونذبح ، بالجملة والمفرد يوميّاً .. حتى غسلت دمائنا شوارع العراق ، وأزقّته..
أما آن لبعيركم أن ينزل من على التلِّ …. أما آن لشريف واحد منكم أن يطلق هذا البعير من عقاله!؟
إن كنتم لا تخافون غضبة الشعب عليكم ، فخافوا غضب الله !
 
وصدق الشاعر عمروبن معد بكرب إذ قال:
فمن ذا عاذري من ذي سفاهٍ***يرودُ بنفسه شـر المـرادِ
لقد أسمعت لو ناديت حيـا***ولكن لا حياة لمـن تنـادي
ولو نارٌ نفخت بها أضاءت***ولكن أنت تنفخ في الرمـادِ

أحدث المقالات