23 ديسمبر، 2024 6:25 ص

لن يكون التهديد مجديا ما لم يأخذ طريقه للتنفيذ

لن يكون التهديد مجديا ما لم يأخذ طريقه للتنفيذ

رددت بعض وسائل الإعلام أنّ رئيس الوزراء نوري المالكي قد أبلغ الوفد الكردي المفاوض بأن هنالك أصوات تطالب بإلغاء حصّة الإقليم البالغة 17% من الموازنة الاتحادية في حال تصديرهم للنفط دون العودة لموافقة بغداد , وأضافت أنّ المالكي أبلغ الوفد استغرابه من قيام الإقليم بتصدير النفط إلى الخارج رغم إنه جرى اتفاق مع نيجرفان بارزاني خلال زيارته الأخيرة إلى بغداد حول الآلية التي يتم فيها التصدير .
الحقيقة إنّ هذا التهديد لن يكون مجديا ما لم يأخذ طريقه للتنفيذ , فنفط حقول كردستان قد أخذ طريقه في التدفق بالأنبوب الكردي الذي تم إنشائه بمساعدة تركيا مؤخرا , وحكومة الإقليم ممتنعة عن تسليم النفط المنتج من حقول الإقليم إلى الحكومة الاتحادية منذ سنتين , وهي لم تسلم الحكومة الاتحادية برميلا واحدا خلال العام المنصرم , مع العلم أن الاتفاق معها يقضي بتسليم الجكومة الاتحادية 250 الف برميل يوميا , وعلى هذا الأساس وضعت موازنة العام المنصرم والتي بموجبها استلمت حكومة الإقليم كامل حصتها من الموازنة العامة الاتحادية البالغة 17%.
وموضوع إيقاف حصّة الإقليم من الموازنة الاتحادية لا يتعلق برغبة بعض الأصوات المطالبة , بل أنّ إيقاف هذه الحصّة هو تنفيذا للقوانين والأنظمة المعمول بها والدستور العراقي , فقوانين الموازنة العامة تحتمّ على الجانب الكردي تسليم كامل نفطه المنتج والمتفق عليه إلى الحكومة الاتحادية , والأنظمة المعمول بها حاليا هي الأخرى لا تسمح بتصدير النفط من أي بوابة غير بوابة الحكومة الاتحادية , وكذلك الدستور العراقي الذي جعل من ملكية النفط والغاز ملكا لكل الشعب العراقي في كل الأقاليم والمحافظات المنتجة .
فتصدير النفط دون موافقة الحكومة الاتحادية , أمر خطير ينبغي التوقف عنده والتعامل معه بحزم وبقوة القانون , وليس برغبة الأصوات المطالبة يا سيادة رئيس الوزراء , والتهديد بهذا الاستحياء لن يعطي الرسالة المطلوبة التي يجب أن تفهمها حكومة الإقليم الخارجة عن القانون , فهذه الحكومة قد تعاملت كثيرا مع هذه التهديدات ولم تعر لها اهتماما يوما ما , بل على العكس هي تنظر لهذه التهديدات بسخرية واستهزاء وتعجرف ولم تأبه لها إطلاقا .
فماذا فعل رفض الحكومة الاتحادية لعقود النفط التي أبرمتها حكومة الإقليم مع شركات النفط العالمية ؟ وماذا فعلت الحكومة حين امتنعت حكومة الإقليم عن تسليم النفط المنتج من حقولها ولم تسّلم الحكومة الاتحادية برميلا واحدا خلال العام المنصرم ؟ وماذا فعلت الحكومة حين باشرت حكومة الإقليم بإنشاء الأنبوب الكردي بالاتفاق مع تركيا دون علم وموافقة الحكومة الاتحادية ؟ .
فهذا التمادي والاستهتار بالقوانين والأنظمة ناتج من ميوعة الحكومة وعدم جدّيتها بالتعامل بحزم مع القضايا التي تمّس سيادة الوطن , فإدارة الثروة يدخل في صلب السيادة الوطنية , والحكومة قد تماهلت كثيرا في معالجة هذا الموضوع منذ البداية وقبل استفحاله , وليس هنالك من حل في الوقت الحاضر سوى إيقاف حصة الإقليم من الموازنة العامة حتى تمتثل تماما وتقبل بمبدأ مركزية إنتاج وتصدير النفط والغاز , ونتمنى أن يكون التهديد هذه المرّة جادا وحقيقيا لا أن يكون زوبعة في فنجان .