لم يکتفي نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية بتنصيب إبراهيم رئيسي، کرئيس للسلطة القضائية فقط بل وقام أيضا بإختياره کنائب أول لرئيس مجلس خبراء القيادة في إيران، وإبراهيم رئيسي هذا، هو أحد أعضاء لجنة الموت التي نفذت أحکام الاعدامات بحق 30 ألف سجين سياسي من أعضاء وأنصار منظمة مجاهدي خلق في عام 1988، وفي الوقت الذي ترتفع فيه الاصوات مطالبة بضرورة تقديمه مع آخرين للمثول أمام محکمة دولية من أجل محاکمته ومجازاته عما إرتکبه فإن تعيينه في منصبين حساسيين يدل على مدى إيغال هذا النظام في تحدي الارادة الدولية والاستهانة بها.
ليست المرة الاولى التي يتم فيها إبراز هذا الوجه القبيح، إذ سبق وإن رشحه المرشد الاعلى لمنصب رئيس الجمهورية خلال إنتخابات الرئاسة الاخيرة والتي رفض فيها الشعب الايراني إنتخابه بسبب من کونه عضو في لجنة الموت، وهو ماشکل صفعة قوية للنظام وللمرشد تحديدا خصوصا وإنه کان هناك حراکا شعبيا ضد المشارکين في إرتکاب هذه المجزرة في ذلك الوقت تحديدا، ولذلك فإن إختياره في هذين المنصبين هو مسعى من أجل التغطية على فضيحة عدم إنتخاب الشعب لمرشح المرشد الاعلى من جانب، وکذلك هو جهد مبذول من أجل تبييض صفحته أما الشعب والعالم من جانب آخر.
إبراهيم رئيسي، قد تم توجيه تهم کثيرة له خلال فترة عمله في الأجهزة القضائية من قبل المنظمات الحقوقية الدولية وبعض الحكومات الأوروبية بانتهاكات حقوق الإنسان وحقوق الأقليات في إيران. لکن ظلت مجزرة عام 1988 أکبر جريمة تطارده وتجعله مطلوبا للعدالة الدولية ولاسيما بعد أن إعتبرت منظمة العفو الدولية مجزرة 1988، بمثابة جريمة ضد الانسانية وضرورة أن يتم محاکمة مرتکبيها أمام محاکم دولية، علما بأن التهمة ضد رئيسي قد صارت قانونية بعد أن جرى تداول تسجيل صوتي نادر لرجل الدين المعروف وأحد قادة “الثورة الإسلامية”، آية الله منتظري، تحدث فيه عن المسؤولين في قضية تصفية آلاف المعارضين السياسيين في ثمانينيات القرن الماضي، والتي عرفت بمذبحة السجناء السياسيين في عام 1988، حيث يوجه کلامه للجنة الموت التي أحد أعضائها کما أسلفنا ابراهيم رئيسي رئيسي.
المجرم والجلاد لايمکن أبدا أن يشفع له إختياره لأي منصب حتى ولو نظروا إليه کقديس، ذلك إن الجريمة خصوصا إذا ماکانت بحجم مجزرة مرتکبة بحق 30 ألف برئ، فإنها لافکاك منها إلا بالاقتصاص من مرتکبها وهذا ماينتظر رئيسي ومن يشابهه رغم إن إختياره لمنصب رئيس السلطة القضائية بمثابة إهانة للمنصب والحط من شأن السلطة القضائية والتشکيك الکامل في عدالة القضاء الايراني، ذلك إن الجلاد عندما يصبح قاضيا فعلى العدالة السلام.