23 ديسمبر، 2024 6:46 ص

تشبثت بأهداب ثوبك فابتل بالدمع الهتون من مقلتي وهمست بكلماتي الحزينة داعيا ربي الرحيم بأن يحسن مثواك وان يمنحني الصبر اذ حل الفراق.
امي …امي الحنون
وداعا فما بعد اليوم من لقاء
حلت فجيعة الموت فما بعد اليوم من لقاء
……………………
لن انسى …لن اعفو
اعود للامس حيث السنوات العشر قبل اليوم وكنت اذ ذاك فتى في الثامنة من سني العمر وكنت انت اذ ذاك زهرة ندية تمتد لنا يدك بحنو الامهات وترعين طفولتنا رغم قسوة الظروف وخلو البيت من المؤونة الا اننا عند الظهيرة نجتمع في الغرفة الصغيرة فتضعين بين ايدينا انية الطعام وحين نبادرك السؤال من اين …
تكون الاجابة انه من الله تعالى البر الرحيم.
نبتسم بفرح ونقبل يدك الكريمة فتقولين لنا …اشكروا الله تعالى على نعمه .
……………..
غرفتنا الصغيرة في بيت جدي هي مملكتنا وليس فيها وسيلة من وسائل الترف والترفيه لكننا نعيش بفرحة وجودك وحنوك رغم ان اغلب وقتك يمضي في اعمالك الزراعية والمنزلية فانت مكلفة بأعباء ومسؤوليات واعمال كونك (زوجة ابن)عليها اداء واجبات وواجبات وليس مهما ان تتمتعي بحقوقك الانسانية او العائلية او الزوجية فأسرة ابي لا تعترف بأمر يسمى حقوق الانسان فكيف يعترفون بحقوق زوجة الابن سيما وان ذلك الابن عطال بطال ..نعم اقول ذلك عن ابي اقول ذلك لان تلك حقيقة فما كان يهمه من امر زوجته وابناءه ولا بذل جهدا كما يفعل الاباء لتوفير حياة كريمة ولا رد غائلة اصابتنا او حتى كلمة مؤذية تلقيناها.
ليس لأمي غير العمل والصمت ازاء كل التجاوزات ذلك لأننا نقيم في منزلهم منزل ابيهم جدنا وان كان لابي فيه نصيب لكنه ليس له ذلك مادام لا يساهم في النفقات .
…………………
تقتحمني صور الاحداث وهي كثيرة ,تتوالى على فكري وان كانت غير متسلسلة التاريخ والزمن لكنها تثير فيَّ الالم والغضب .
منها………….
ذات يوم عند الظهيرة وانت عائدة من الحقل تقودين العربة المحملة بالحشائش التي امضيت الساعات الطويلة تجمعينها بعمل دؤوب فوقفت عمتي حيت توقفت العربة وهي تنظر اليك نظراتها الشزراء وصرخت بك قائلة :
من الصبح لهسة واحنة وصلنة الظهرية جايبتلنة هذني بس.
العربانة مكسورة وكوة الحيوان يمشي .
لم تقتنع بالعذر وظلت تتكلم وكأن كلماتها رعود وقواصف وما آلمني انك لم تردي عليها بكلمة بل عمدت الى الحشائش وقمت بنقلها الى مكانها المخصص واطلقت الحمار من العربة وقدمت له بعض ما كان يجر من حمولة الحشائش وقدمت له وعاء الماء ثم انصرفت الى الغرفة الصغيرة فاستبدلت ملابسك بأخرى نظيفة وفرشت لنا انية الطعام التي جئت بها من بيت اخوالي مضيفة اليها ما خصص لنا من طعام من البيت بيت جدي وابي فعشنا تلك اللحظات السعيدة في ظل ابتسامتك الطيبة الحنون.
لكن لم تمض لحظات الا وفوجئنا بها تقتحم علينا الغرفة كانها نسرجائع حط من عليائة الى ارض فيها كومة لحم ينهشها بنهم وعيناه تتطايران شررا قائلة وبالحرف الواحد:
ها موكلتي كضيت الوكت بالشغل …بعد فترة وجيزة من الصمت انحت الى انية الطعام الذي جئت به من بيت اخوالي وتساءلت بغضب مستنكرة
– لعد هذا منين …من احجي محد يصدكني …اكللهم تكضي وكتها بالسوالف ويه امها واخواتها وجايبتلنه فضالة اكلهم .
لازلت استعيد صوتك وهو يرد عليها كلماتها واستنكارها :-
هذا موفضالة …من راس الكدر امي صبت الزاد ووكفت ساعة تنتظرني عله الطريق …وبصوت غاضيب اضفت متسائلة :-
شترتدين منه ,كليلي اشتردين …؟
لم تدعك تكملين كلماتك اذ هوت بيدها على خدك بلطمة كادت ان تفقدك صوابك مما جعل اخوتي يصرخون باكين خائفين وهنا استيقظ جدي الذي كان نائما في غرفته فخف الينا ليعرف حقيقة ما حدث وانهال على عمتي ضربا وشتما وظننا ان الامر قد انتهى عند هذ الحد .
ولكن في الحقيقة لم ينته الامر…..
لم ينته وكان له احداث واحداث واحداث
لن انسى ….لن اعفو