22 ديسمبر، 2024 2:47 م

لن اشارك في مسرحية الانتخابات

لن اشارك في مسرحية الانتخابات

تسعى مختلف الحكومات الى ارضاء الشعب وتبذل كل جهد ممكن من اجل توفير حياة كريمة وهانئة ومطمئنة لابناء الوطن، ويندرج في قاموس هذه الحكومات ان راحة المواطن وكرامة فوق كل اعتبار، وبصراحة ما دفعني الى كتابة هذا المقال عبارة شاهدتها بأم عيني مكتوبة على اول صفحة من جواز سفر احد الاجانب التقيت به في احدى ابلدان ، حيث دار حديث عابر وابلغني هذا الشخص ان جواز السفر العراقي يتذيل قائمة جوازت السفر العالمية من حيث عدد البلدان التي يدخلها المواطن العراقي وحرفية صناعة الجواز.

وعندما طلب مني القاء نظرة فاحصة على جواز السفر الخاص ارتسمت على وجه ملامح الاستغراب والتعجب اعقبتها علامات الامتعاض ، سالته عن ردة الفعل هذه ، اعتذر وعبر عن اسفه لقلة الادب التي بدت عليه ، اعدت سواله عن السبب في ردة الفعل هذه ، لم يرد على سؤالي بل ناولني جواز سفره الخاص وطلب مني قراءة اول صفحة.

(ستدافع المملكه المتحدة عن حامل هذا الجواز حتى أخر جندي على أراضيها).

بصراحة احسست بحرج شديد ونظرت اليه وسالته ، هل هذا الكلام صحيح؟ هل ان بريطانيا سوف تدافع عنك لاخر جندي، اجابني نعم ، وامتلك الدليل، ثم اردف قائلا، الم تسمع بـ (بازوفت) الصحفي البريطاني من اصل ايراني الذي اعدمه صدام، قلت نعم والذي اتهم بالتجسس وتم اعدامه سنة 1990.

قال، نعم هذه الحجة التي بسببها تم اعدامه ، ولكن اتعلم ان بريطانيا قصفت بطائرات (التورنيدو-القاصفة) مكان الاعدام ودمرته بالكامل ، وتم كتابة عبارة (الى روح المواطن البريطاني بازوفت) على القنابل التي قصفت تلك الاماكن ، اجبته لا علم لي بهذا الامر، وسالته لكن ما هو سبب ذكرك لهذه الحادثة، قال، اريد ان اوضح لك ان بلدنا لا يتخلى على ابناءه .

وهنا لفتت انتباهي كلمة (بلدنا) لم يقل الحكومة، او البرلمان ، او الجيش، بل قال (بلدنا)، اذن هذا الشخص يشعر بالانتماء الوطني ، ومترسخ في عقله ان الجميع يمثل بريطانيا العظمى، لا فرق بين حكومة وشعب ومجلس عموم ولوردات وملكة وامير، اطلق على الجميع لفظة (بلدنا).

اقول، ان هذا الامر وضع امامي اجابة مهمة ، وهي ؛ اننا لا نجد في حكوماتنا والبرلمان ما يمثلنا، ولو ان الحكومة والبرلمان يمثلان الشعب بشكل واقعي وحقيقي لاختلف الامر، واسوق هنا بعض الامثلة على سبيل الذكر لا الحصر.

1. هل ان الوزير وحاشية الوزير يمارسون حياتهم اليومية كبقية ابناء الشعب، مثلا، يقفون في طابور التزود بالوقود، او يقفون عند اشارة المرور.

2. هل ان البرلماني يستلم راتب شهري يوازي تحصيله الدراسية، وهل هو موظف حكومي ليستلم راتب ، بل هو متطوع رشح نفسه ليمثل شريحة من المجتمع ، هل ياخذ المتطوع راتب، وعلى فرض يستحق راتب لتمشية اموره اليومية، هل يصح ان يكون راتب البرلماني (الاسمي) يوازي راتب اكثر من (28) موظف حاصل على شهادة البكالوريوس، وبغض النظر عن المنافع الاجتماعية( عجلات حكومية، جواز سفر دبلوامسي، حماية، سيارات مصفحة مع وقود مجاني وتصليح مجاني، سفر على الدرجة الاولى ومجاني …..الخ).

3. هل يدرس او يعمل ابناء او اقارب الوزير والبرلماني في العراق، ينال ابناء وعائلة الوزير منافع اجتماعية كبرى، حالهم حال ملكة بريطانيا بل اكثر، مثلا ، هل يبحث ابن البرلماني عن فرصة عمل حاله حال ابناء الشعب، هل يقدم للتعيين كأقرانه.

وهنا اعود الى موضوع مقالتي ، وبعد هذه المقدمة البسيطة ، اريد توضيح النقاط التالية:

1. ابتداءا وقبل الخوض في تفاصيل العملية الانتخابية والمرشحين، ان الاحزاب والتيارات والشخوص التي دخلت مع المحتل لا يمكن ان يحسن الظن بها مطلقا، لانه من يتخلى عن وطنه ويذهب لينعم برغيد العيش ، وياتي على ظهر دبابة امريكية ويستلم خدمة جهادية ، وكما ينقل لي احد الاصدقاء ان (احدهم) استلم راتب الخدمة الجهادية بصك مصدق بملغ (واحد مليار وبضعة ملايين) ، وفي الوقت الذي يتم قطع بعض رواتب الحماية الاجتماعية للمسنين والمعوقين، مثل هكذا شخصيا، معذرة، لا احسن الظن بهم .

2. ان العملية السياسية ومنذ البداية مخطط لها ومعد لها من قبل المحتل، ومن الطبيعي ان من ينخرط بعمل من تخطيط المحتل الامريكي يكون مشارك ومنفذ لهذا العمل، فلا يتحدث البعض عن تغيير وقلب الطاولة على المحتل، وبشكل صريح ، كل هذا ضحك على الذقون، ان ما تريده امريكا هو الذي يحصل، واي كلام غير هذا يعتبر ضرب من الخيال، لان الوضع العراقي والساحة تسير وبشكل متوازن بين ثلاث قوى (امريكا + ايران + المحيط العربي والتركي) ، وغير هذه القوى لا يوجد أي محرك.

3. خلال فترة 15 عام ، وعندما اشاهد بغداد ، لا ارى أي تغيير، نعم اشاهد تغيير نحو الاسوء، فلنقل ان بغداد تتعرض لتهديد ارهابي ولا يوجد متسع من الوقت لتتم عمليات الاعمار، لكن في محافظات الفرات الاوسط والجنوب، فلنأخذ محافظة المثنى ، لا يوجد اعمار ، اخر شارع تم تبليطه سنة 1986، بطالة ، فقر، جهل، امراض، فلنقل ان محافظة المثنى لا تمتلك موارد، فلنذهب الى البصرة، وقبل فترة وجيزة ذهبت لزيارة احد الاقارب في منطقة (الكزيزة) ، دمار ، تلوث، فقر بطالة انعدام الخدمات 100%، وهذه المحافظة وتحديدا هذه المنطقة تحتوي على ابار ستراتيجية، مكتشفة ومختوم عليها منذ عام 1953، الحكومة الموقرة فتح هذه الابار ويتم بيع النفط الخام بشكل مباشر، فلا يقل احد ان التغيير قادم، لان نفس الاحزاب ونفس القيادات الذي ذكرتها سابقا والمتحكم الامريكي وغيره، اذن الوضع سيبقى او قل يتدهور الى الاسوء.

4. ان لعبة القاعدة وداعش وغيرها من مسرحيات هوليوود سوف تستمر، وكما قال ميكافيلي في كتابه (الامير) – ترك الرعية للراحة يولد مشاكل خطيرة على الحكم، فلتكن المشاكل بينهم ، وانت تقوم بحلها ويكون فرض الطاعة مقدم لك وحدك.

5. هل ان مفوضية الانتخابات موضع ثقة، جل ما اريد قوله ان جميع الاعضاء من مرشحي الاحزاب (محاصصة) فأين الاستقلال.

وفي الختام ، ان مشاركة او عدم المشاركة في الانتخابات هو امر نسبي ، فلكل فرد رؤيته الخاصة.

والبقية في المقالات القادمة، اذا بقيت في الحياة