أبستم الحظ هذه المرة لمحمد خلف (35) عاما بعد أن عثر على مبلغ مالي من فئة المئة دولار في جيب البدلة الرجالية التي اشتراها من بالة باب الشرقي. ويقول خلف ” اسمع عن مثل هذه الحكايات ولكنها أصبحت حقيقة ومفاجأة سعيدة غير متوقعة لي ” ويضيف ” برغم من أني اشتري أشياء كثيرة من البالة ،لم اعثر سوى على أشياء لا قيمة لها، يبدو أن الحظ ابتسم لي لأن هذه الورقة يمكن أن يحل بعض مشاكلي مالية “. بائع البالات سجاد علي ( 25) عاما من نفس السوق يقول ” العثور على بعض الاشياء سمة تميز ملابس البالات ” ويضيف علي ” غير النقود، يتم العثور على قطع ذهبية وساعات وخواتم وميداليات وقداحات وغيرها من الاشياء التي نساها أصحابها في جيوب ملابسهم”. أحياناً يلجأ سجاد إلى تفتيش بعض الملابس على أمل العثور على ما غلا ثمنه، ولكن اغلب تم العثور عليه اشياء ليست ذات قيمة ولكنها ماركات عالمية يمكن بيعها بسرعة.
ولا يقتصر سوق البالات على الملابس فقط، بل امتد ليشمل الاحذية ولعب الاطفال وصولاً إلى المواد المنزلية والكهربائية كما يقول وهب ناصر(36) عاماً من سوق الكاظمية المقدسة، ويضيف ” كانت البالة مقتصرة على الملابس، ولكن اليوم شملت جميع المواد مثل الأحذية والفرش ولعب الأطفال والحقائب حتى المواد المنزلية، وكل ركن في السوق يختص بنوعية البضاعة”. الحاج المتقاعد سعدون والي ( 70) عاما اخذ يقلب حذاءً في محاولة أظهار بعض غيوبه لأجل خفض سعره، ولكن البائع يصير على السعر الذي حدده له لأنه ماركة عالمية، وهو يساوي أكثر من هذا السعر. ويستعيد والي بعض ذكرياته عن البالة، فيقول” كنا نسمي البالة فيما مضى اللنكة واغلب موادها من الملابس والمواد المستعملة التي يتخلى عنها أصحابها لقاء التبديل بمادة جديدة لاسيما الأواني المنزلية “. وعن أمكان تواجد البالات أو (اللنكة) يقول سعدون ” اتذكر ان والدي رحم الله صبحني إلى منطقة النهضة وباب الشيخ وسط بغداد القديمة حيث تباع اللنكة، ولم تكن بهذه النوعية والكمية كما هي اليوم “. كما للبالة فوائد فان لها أضراراً قد لا يدركها بعضهم لأنها يمكن أن تكون واسطة لنقل بعض الامراض لاسيما الجلدية كما يقول الدكتور مهند اللامي اختصاص الأمراض الجلدية ” يجب غسل الملابس بدرجة حرارة أكثر من ثمانين درجة، وهو امر كفيل بالقضاء على بعض الأمراض ويفضل تطهيرها بالمواد المعقمة أيضاً”. ويضيف اللامي ” يجب التعامل من مثل المواد بحذر حيث يمكن ان تستغل للانتشار بعض الأمراض البيلوجوية كما يطلق غيرها الحرب البايلوجية ،وأنا أفضل الجديد على البالة “.
يعمد أصحاب البالات على تقسيم المواد المباعة حسب نوعها وقيمتها المادية كما يقول وهاب صديق(40) عاما من سوق بغداد الجديدة ” يتم فرز البالة حسب نوعية السلعة وجودتها”. تحت صوت صديق العالي وهو ينادي ” كسر بالة جديد ” اجتمع عدد من النساء حول بضاعته حيث يقول ” أنا اكسر البالة أمام الزبون ،وعليه اختيار السلعة المناسبة”. المعلمة ام احمد استطاعت ان تحصل على غايتها كما تقول” اغلب ملابس الأطفال غير مستعملة وجديدة وأسعارها مناسبة وهي تدوم أكثر مما هو موجود في السوق الآن” وتضيف أم احمد ” أنا بين مدة وأخرى اذهب إلى البالات واحصل على نوعيات جيدة وأصبحت ذات خبرة في المجال”.
المواد المنزلية والكهربائية التي يطلق عليها العراقيون البضاعة الاوربية هي الاخرى منافس للمواد الجديدة فهي تفوق مثيلاتها من حيث الجودة والنوعية والضمان كما يقول كريم محمد(52) عاما صاحب محل في سوق الظلال وسط بغداد ،ويضيف” المواد المباعة شرط الفحص وهي أفضل من الموجود في السوق ،واسعارها مقاربة للجديد واحياناً تفوقها سعراً، لان البضاعة الجديدة بعضها غير معروفة المنشأ ، ولا تدوم طويلا ” ويقول محمد عن البضاعة الاوربية” اغلب مما موجود درجة اولى (باب أول ) أن كانت صينية لأنها صنعت بمواصفات تلك الدول”.
فتح سوق البالات منافسة بين الجديد والمستعمل لدرجة أن بعض العراقيين يفضلونها على غيرها بعد سادت الأسواق نوعيات رديئة ولا تعمر طويلا، مما رجح كفة البالات على أختها الجديدة، ومحا النظرة السلبية التي كانت سائدة عن (لنكة ) الماضي القريب.