تحرير العقول عامل رئيسي في بناء الإنسان والمجتمع، وتهذيب تفكيره وسلوكه ومواقفه، وترسيخ القيم والمثل الإنسانية العليا كالعدل والمحبة والخير التي تضمن تعايشا بين البشرية في سلم وسلام، ولهذا نجد أن رسالة السماء أكدت على ضرورة التخلص من الموروثات والضغوطات التي تحجر العقول وتشل حركة التفكير بعد أن دعت الإنسان الى التفكر والتدبر وأطلقت العنان للعقل ان يمارس دوره ومسؤليته في التمييز بين الخطا والصواب والشر والخير والوهم والحقيقة…
لكن قوى الشر والظلام عملت على تحجير العقول، وتكبيلها بقيود وسلاسل وضغوطات، تؤثر على التفكير لكي تكون عقول الناس المتسلطة عليها أسيرة لإرادتها ومخططاتها ومصالحها الشخصية، وبذلك تتحول الشعوب الى اداة تحركها تلك القوى كيفما شاءت وانى شاءت بما ينسجم من مشاريعها الخبيثة…
ولعل من اشد وأخطر القيود والضغوطات التي استخدمتها الأنظمة الجائرة ووعاظ السلاطين للسيطرة على الشعوب وعقولها وطريقة تفكيرها ومواقفها وسلوكياتها، هي الطائفية والمذهبية والعرقية والقبلية والحزبية والمناطقية وغيرها، وبذلك صارت تلك القيود والضغوطات فيروسات تنخر في عقلية المجتمع، فجردته من القيم والمثل الإنسانية فسادت ثقافة التكفير والقمع والتمييز وخنق الحريات وانتهاك الحرمات وتحولت الى سلوكيات مجرمة حيث القتل والنهب والسلب….وغيرها من الجرائم،
إن تحرير العقول يعتبر الخطوة الرئيسة والضرورية والأولى نحو انطلاقة صحيحة لبناء المجتمعات والأوطان في ظل حياة كريمة يسودها الأمن والأمان والرخاء والسلم والسلام والتعايش السلمي يتمتع بها الجميع بكافة حقوقه وحرياته، وتلك حاجة دعا اليها مُجدد احد العلماء المعاصرين بقوله: ((لنعمل على تحرير العقل، تحرير الفكر، بغض النظر عن المذهبية والطائفية والمناطقية والعرقية والقومية….))،
نعم البشرية اليوم عموما، ومجتمعاتنا خصوصا بحاجة الى ثورة بيضاء عارمة تستهدف تحرير العقول من كل القيود والضغوطات التي تحجب النور، وتكبل العقول، وتسلب منها القدرة على التفكير والتمييز بين الخير والشر، والصلاح والفساد، والحقيقة والوهم، وتجعلها منقادة الى كل ما هو شر وظلام….