في 19 آذار/مارس 2003 ، شنت الولايات المتحدة الامريكية ، إلى جانب حلفائها ، الحرب على العراق .
مع بدأ الهجوم على العاصمة بغداد ، أعلن الرئيس الأمريكي جورج بوش في خطاب متلفز ، “في هذه الساعة ، القوات الأمريكية وقوات التحالف في المراحل الأولى من العمليات العسكرية لنزع سلاح العراق وتحرير شعبه “.
بنى بوش قضيته للحرب على كذبة أمتلاك العراق أسلحة الدمار الشامل .
أطاح الغزو الامريكي بالحكومة العراقية التي وصفت بالمستبدة ، لكنه قوض الدولة العراقية وأطلق العنان لتفشي الارهاب ، واشعال حروب أهلية على نطاق واسع .
عين الامريكان السفير بول برايمر حاكما عسكريا للعراق . وقد اصدر امرا بتشكيل مجلس الحكم ، الذي كرس الطائفية السياسية والمحاصصة .
وفي عام 2005 وتحت لافتة الديموقراطية ، تشكل نظام سياسي يقوم على أسس عرقية وطائفية.
وعانى المجتمع العراقي من ظاهرة عدم الاستقرار نتيجة غياب دولة المواطنة .
وادى النهج السياسي الطائفي لنظام الحكم في العراق الى فوضى عارمة ، دفعت للهجرة
الجماعية . وفر حوالي مليوني شخص إلى سوريا والأردن وحدهما .
كما تم شرعنة الفساد على نطاق واسع ، واحتل العراق المرتبة 166 من مجموع 176 في مؤشر الفساد واصبح ضمن الدول العشر الأكثر فسادًا في العالم حسب مؤشر مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية .
وتم تشويه الوجه الحقيقي للديموقراطية في العراق من خلال الترهيب والتزوير .
حيث لم يقدم الامريكان نموذجا ديموقراطيا يستند على النخبة في حكم الشعب . بل عملوا على تأسيس نظام حكم متخلف يقسم الشعب العراقي الى طوائف واثنيات تحت لافتة الديمقراطية .
ربما كان ذلك من مهمات الاحتلال الامريكي للعراق . . القضاء على الوحدة الوطنية, بعد حل الجيش وتدمير البنية التحتية للدولة .
وكنتيجة طبيعية لحل الجيش العراقي سيطر تنظيم الدولة (داعش) على ثلاث مدن عراقية كبرى ، وتسبب في قتل وتهجير مئات الالوف من ابناء الشعب العراقي من مختلف الطوائف والقوميات .
وجرى تدمير ممنهج للبنية التحتية الصناعية للقطاع العام والخاص ، بعد اغلاق آلاف المعامل الحكومية والخاصة ، وتسريح عمالها .
وتدهور القطاع الزراعي والثروة الحيوانية الى حد كبير ، واضحى العراق يستورد كل شيء من الفواكه والخضار الى المنتجات الحيوانية المختلفة .
كما انحسر التعليم ، نتيجة نقص المدارس ومستلزماتها ، وعانى قطاع التربية من غزو الخرافات التي وصلت الى بعض المناهج المدرسية . واصبح الفكر المتخلف بديلا عن الثقافة العراقية ، وعانت المؤسسات الثقافية من الدمار الشامل ، وانعكس ذلك على كل المبادئ والعلوم الفكرية والحضارية للمجتمع العراقي .
وانتشرت البطالة . واصبح العراق من أسوأ البلدان العربية بالنسبة لحقوق المرأة .
ومن تداعيات الاحتلال الامريكي فقدان الدولة لهيبتها وانتشار السلاح والميليشيات في كل مكان ، بعد ادعاء الولايات المتحدة أنها جاءت لتحرير البلد ، ونشر الحرية في ربوعه .
وقد كان احتلال العراق بداية الفوضى والحروب الاهلية التي عمت المنطقة العربية .
ثم استكملت امريكا مخططاتها بتسليم العراق الى ايران مقابل
توقيع الاتفاق النووي . لتديره من خلال عملائها في رأس السلطة ليكملوا مسلسل التخريب والنهب، حتى وصل العراق الى هذه الحالة التي يرثى لها .
ان الاحزاب الموالية للولي الفقيه القادمة مع الغزو الامريكي للعراق ، تسللت الى المجتمع العراقي باسم الطائفة والدين حتى تستقطب المواطنين البسطاء من ذوي الاصول الريفية والقبلية الذين يفتقرون الى الوعي السياسي .
ثم عملت على تزوير الانتخابات وانتهكت حقوق الانسان وخنقت الصحافة والاعلام الحر ، واقدمت على قمع الاحتجاجات السلمية للمواطنين بالذخيرة الحية والخطف والترهيب . وجردت منظمات المجتمع المدني من محتواها الوطني والانساني . فانعدمت المعارضة الحقيقية . وانتشرت المظالم واصبح السكان تحت خط الفقر في كثير من المحافظات . وهكذا تم تغييب حرية الارادة للمواطنين على يد ميليشيات عميلة تعيث فسادا وتخريبا في المحافظات كافة .
اليوم ونحن نستذكر الغزو الامريكي للعراق ، لابد من التأكيد بان الولايات المتحدة الامريكية تتحمل المسؤولية الكاملة عن جميع الالام والمإسي التي عانى منها الشعب العراقي منذ عام 2003 والى يومنا الحاضر .
ونحن على ثقة تامة بان عودة الوعي للشعب العراقي ستدفعه الى امام نحو تحقيق استقلاله الناجز ، وتحقيق حلمه في تغيير النظام السياسي الفاسد ، كما سيجبر كل القوى الغاشمة الدولية والاقليمية الطامعة بارض العراق لاحترام هذا البلد العظيم بشعبه وتاريخه وقدراته .
ادهم ابراهيم