ما حدث وسيحدث في البصرة من غليان جماهيري، او انتفاضة عفوية، قد يركبها بعضهم لتحقيق بعض المكاسب، الذي أُراهن على يقظة وعقلانية أهلنا في البصرة في لفظهم، وازاحتهم من مسيرة التقدم هو أمر متوقع في البصرة، وغيرها من مناطق الوسط والجنوب، نتيجة الإهمال الكبير الذي قد يكون متعمدا لأغراض سياسية، او للسرقة، مستغلين صبر وسكوت أبنائها نتيجة خوفهم من حدوث بلابل تؤثر على وحدة العراق وأمنه.
قبل أيام بُث مقطع فديو قصير لسماحة السيد الصافي ممثل المرجعية، وموفدها للبصرة وامده أربع دقائق تقريبا، لخص فيه حالة البصرة، وكيفية القضاء على مشكلة أمدها أكثر من 15 سنة، وبإمكانيات مالية كبيرة، وميزانيات انفجارية، حيث قال بالحرف الواحد” شخصنا صباحا، وانجزنا مساءً، ويقول كذلك وجدنا مشاكل صغيرة جدا حتى من المعيب تناولها! قد تسببت بتوقف عدد من المشاريع المائية، وهي لاتحتاج الا لإرادة العمل الحقيقي لإنجازها”.
سبحانك ربي! ساعات قليلة تنجز ما عجز عنه الأحزاب، والتكنوقراط، والشخصيات الخارقة، والخبراء، ومجالس المحافظات، والنواحي، والاقضية ومسميات كثيرة لأكثر من 15 سنة! يا ويلنا وأي زمان نعيش نحن، وأي بشر نعايش وأي مرتزقة تسلطوا على رقابنا.
مما لمست، وسيلمس أي متتبع لهذه الحادثة، ان الشرف المهني، والإخلاص للوطن، وخدمة المواطن، لم تتجاوز الصفر بالمائة لدى أغلب من استلم مهمة قيادية في محافظة البصرة، انما هناك مصالح حزبية فئوية للجهة التي ينتمي لها، وشخصية لتأمين حياته، وحياة عائلته، وكيف يؤمن لأولاده حياة رغيدة خارج العراق، في أوربا وامريكا، وحياتها الجميلة المرفهة، ومدارسها المتطورة.
مهمة قد تكون قصيرة ومحددة، كما قالها السيد الصافي، أيام معدودة، عدد أصابع اليد الواحدة، وقف السيد على جملة أمور لم يقف عليها أي سياسي لمدة 15 سنة، ان كنا اخذنا الأمور بقلب طيب، ونية صافية، او قد يكون هناك اهمال متعمد ولا مبالاة كبيرة بحق المواطن البصري، والعراقي بصورة عامة من قبل اغلب المتسلطين على رقابنا كتلا وأحزابا، ومستقلين.
لم تنفرد البصرة بواقعها الخدمي الاقتصادي الأمني السياسي السيء عن اخواتها من محافظات العراق، بل العراق أجمع يشترك بهذه النقمة، او هذا التقصير المتعمد مع سبق الإصرار والترصد، حيث كثرة الروتين، وطول حلقات الاتصال، والمركزية بالحكم، وتقييد الاستثمار.
هذا ما يدعونا الى الدعوة الى ثورة عارمة، لا نحرق فيها دوائر الدولة ومؤسساتها، بل الى ثورة إدارية تقضي على الروتين، وتوزع الصلاحيات كلا حسب مسؤوليته، وتفتح باب الاستثمار وتقلل من الشروط واللوائح التي تكبله، وخلق بيئة مغرية لا طارده له.