الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم فرائض الإسلام وفروعه التي أكد عليها الشارع المقدس في أقدس وأهم مصادره وهما القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وبها نالت الأمة شرف القيادة والريادة من بين سائر الأمم، ولا يزال الخير باقياً في هذه الأمة ما دامت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، قال الله سبحانه وتعالى: « كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ »،آل عمرن:(110)، وهي من صفات المفلحين قال تعالى: « وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ »،آل عمران: (104)، وهي من شرائط التمكين في الارض قال تعالى: «﴿ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ﴾»،الحج: (41).
وأما لو تركت الأمة هذه الفريضة وتهاونت فيها، أو تقاعست عنها، فستكون النتائج وخيمة على الأمة، حيث الويل والهلاك والخسران المبين، ونزول البلاء، ورفع البركات، وتسلط الاشرار والفجار والفاسدون، وفقدان الناصر والمعين، وعدم استجابة الدعاء، اذ يدعوا الاخيار فلا يستجاب لهم، وهذا ما دلت عليه النصوص الشريفة، قال رسول الله-صلى الله عليه واله وسلم-: « لا يزال الناس بخير ما أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وتعاونوا على البر فإذا لم يفعلوا ذلك نزعت منهم البركات وسلط بعضهم على بعض ولم يكن لهم ناصر في الأرض ولا في السماء » و قال الأمام علي-عليه السلام-:« لا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيولى عليكم شراركم ثم تدعون فلا يستجاب لكم »، و قال الإمام الباقر-عليه السلام-:« ويل لقوم لا يدينون لله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»،
وغيرها الكثير من النصوص الشرعية التي تكشف عن فضيلة هذه الفريضة وأهميتها العظيمة والنتائج الايجابية المترتبة على القيام بها، والنتائج السلبية في حال التهاون فيها، فضلا عن تعطيلها، ولذلك نجد أنَّ الحسين- عليه السلام- قد خرج وضحى بنفسه وأهل بيته وأصحابه من اجل إحياء هذه الفريضة المقدسة، وقد عبر عن ذلك بقوله: «إني لم أخرج أشراً، ولا بطراً ولا مفسداً، ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهي عن المنكر… ».
ولذلك فإن احياء شعائر الحسين والولاء والطاعة له إنَّما يتحقق بالسير على نهجه المقدس والذي من أبجدياته الاصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلى هذا المعنى ولهذا الهدف السامي أكد المحقق الصرخي في بيانه رقم -69- (محطات في مسير كربلاء)، حيث قال: « المحطة الثانية:
ولنسأل انفسنا عن الأمر والنهي الفريضة الالهية التي تحيا بها النفوس والقلوب والمجتمعات هل تعلمناها على نهج الحسين ((عليه السلام)) وهل عملنا بها وطبقناها على نهج الحسين الشهيد وآله وصحبه الاطهار ((عليهم السلام)) وسيرة كربلاء التضحية والفداء والابتلاء والاختبار والغربلة والتمحيص وكل انواع الجهاد المادي والمعنوي والامتياز في معسكر الحق وعدم الاستيحاش مع قلة السالكين والثبات الثبات الثبات ……
قال العلي القدير جلت قدرته :
بسم الله الرحمن الرحيم
{أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُواْ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ اللّهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }التوبة/16.»، انتهى المقتبس.
بهذا يتضح جليًا أنَّ صلاح المجتمعات وهنائها وقوتها ورقيها وتكاملها يتحقق في أقامة هذه الفريضة الإلهية العلمية الأخلاقية الإنسانية التي بها تحيا الشعوب وتبنى الأوطان…
فلنتعلم من الحسين- عليه السلام- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولنقتبس من جذوته حرارة الشعور بالمسؤولية، ولنتزود من روحه التضحوية طاقة الاستعداد للتضحية والفداء من أجل تحقيق الاهداف التي ضحى من اجلها..