لم يعد الحديث عن تحرير العراق من الهيمنة الإيرانية رفاهية سياسية أو مجرد شعارات وطنية؛ القضية اليوم تتعلق بمصير بلد، وكرامة شعب، وحق أمة تطالب بأن تُحكم بإرادتها، لا أن تُدار عن بُعد من خارج الحدود.
العراق لا يفتقر إلى الثروات، ولا يعاني من قلة الكفاءات، وإنما مشكلته تكمن في أن قراره مختطف، وفي خيوط تُحرّك من خلف الكواليس، تعبث بمستقبله كما تشاء.
إيران لم تدخل العراق لتتعاون، بل جاءت بمشروعٍ تخريبي: تفكيك الدولة، تسليح المليشيات، وربط العراق بنزاعاتها الدولية، حتى أصبح وطننا وقودًا لصراعات ليست له فيها ناقة ولا جمل.
على مدى أكثر من عشرين سنةً، عمدت طهران إلى بناء دولة مشوهة داخل العراق، حيث دعمت سياسيين بلا نضج سياسي، ورجالًا لا ولاء لهم إلا لمن صنعهم، وأبقت على فصائل مسلحة لا تعترف بدستور ولا وطن، بل تستمد أوامرها من مركز القرار هناك.
ما تعرّض له العراق، رأيناه يتكرر في لبنان وسوريا واليمن: السلاح المنفلت، الطائفية، انهيار الاقتصاد، وهجرة الناس أو دفنهم تحت الأنقاض، ولعل ما حصل بعد السابع من أكتوبر يثبت أن لا أحد يربح من العلاقة مع إيران سوى قادة الميليشيات وتجار الدم، على حساب الوطن.
ومع تزايد اليأس في الشارع العراقي، طُرح في الكونغرس الأميركي مشروع قانون “تحرير العراق من إيران”، هذا المشروع قد يخدم مصالح واشنطن أولًا، لكنه يسلط الضوء على حقيقة يعرفها الجميع ويتجاهلونها: العراق محتل سياسيًا وامنيًا واقتصاديًا من قبل إيران.
لكن السؤال الأهم: هل ننتظر أن يحررنا الآخرون؟
الإجابة بضرس قاطع لا.
معركتنا الحقيقية هي معركة وعي وكرامة.
التحرر يبدأ حين…
-
– نرفض بقاء الفاسدين في مواقع القرار.
-
– نُصرّ على أن يكون السلاح بيد الدولة فقط.
-
– نُعيد تعريف مفهوم الوطنية بعيدًا عن الطائفة والمذهب.
-
– نُطلق مشروعًا شعبيًا حرًا لا يخضع لحزب ولا لتمويل خارجي.
لن يُحررنا أحد ما لم نحرّر أنفسنا؛ لا قوانين دولية، ولا مشاريع خارجية، ستنجح ما لم نُقرر نحن أن العراق يجب أن يعود لأهله.
ما نحتاجه اليوم هو صوتٌ عراقيٌ صادق يقول: “كفى، هذا وطني، وأنا أولى به”.
فالعراق بتاريخه الضارب بالقدم لا يستحق أن يُدار من طهران، بل أن يقف حرًا كما كان دائمًا… شامخًا كما يليق به.