22 ديسمبر، 2024 8:24 م

لنتحدث عن الكلاب

لنتحدث عن الكلاب

يقال أن الذئب ينام مغمضا عينا واحدة، ليترقب بالأخرى محيطه خشية تعرضه الى مايضره، وهي وسيلة دفاع حباه بها خالقه كما حبا غيره من المخلوقات بوسائل دفاع عديدة، كالقنفذ بالإبر، والدعلج بالنبال، والظربان بإفراز رائحة كريهة من جلده يرهب بها عدوه وينفـّره، أما ابن آدم فقد حباه بارئه بعقل يتيح له صناعة كل وسائل الدفاع، لـ (يرهب بها عدو الله وعدوه).
من تلك الوسائل تسخير نوع من الكلاب يطلق عليها الكلاب البوليسية، لتسهيل مهمات عديدة يصعب على الإنسان خوضها او قد تحتاج وقتا لإنجازها، ولم يختر الإنسان الكلب لأداء هذه المهمة لـ (سواد عيونه) او لسمعته فهو (اذا گام واذا گعد.. چلب) بل لما يتميز به من حاسة شم قوية تتيح له كشف المخبوء، وكذلك لكون الكلب مأمون الجانب، فلو امتهن الإنسان الأسد على سبيل المثال في مهماته لانطبق عليه بيت الشعر:
ومن يجعل الضرغام في الصيد بازه
تصيده الضرغام فيما تصيدا
وبذا يكون الإنسان قد انتفع من الكلب بخصيصته هذه، وبالمقابل فللكلب هذا “جنات وعيون” إذا ماعلمنا مامتوفر له من سبل العيش. فبدءًا.. له “سجل قيد” و “كنية” ووثيقة صحية ووثيقة سفر، وجدول غذائي ودوائي “يحسده” عليه كثير من بني آدم المنتسبين الى وحدات عسكرية او أمنية لاسيما في بلد نفطي كبلدنا، وتحديدا بلدنا الجديد الذي أشرقت عليه شمس الديمقراطية والفدرالية والتعددية في نيسان 2003، بعد ظلام الدكتاتورية وسياسة الحزب الواحد والقائد الأوحد، الذي جثم على صدره أربعة عقود.
كذلك للكلب هذا ساعات عمل محددة، تتخللها أوقات راحة في ثكنته المكيفة، يراعى فيها ماقد يعاني منه هذا الـ “منتسب” من حر الصيف وقر الشتاء في أماكن أدائه الواجب. كما إن “دوامه” يجب أن لايتجاوز 30% من أيام الأسبوع.
ولن أطيل الكلام عن هذه الكلاب، فقد يصيبها مكروه فأتهَم بأن عيني (تصيب بالمكان)، وساعتها يردد قارئ مقالي هذا الآية: “ومن شر حاسد إذا حسد”. لكني أقول: ألف مرحى بالـ “كلاب” مادامت تحقق للعراقيين ماعجز “سابقوها” عن تحقيقه، فوالله مامن عراقي إلا وكانت امنيته الأولى الأمن والأمان، من دون أن يشير إلى جهات تحقيقهما واستتبابهما.
والشيء بالشيء يذكر.. إذ يعيدنا ذكر الأمن والأمان إلى جهاز كشف المتفجرات الذي ثبت عدم صلاحيته وبطلان فعاليته، إلا في مجال كشف العطور والأدوية وحشوات الأسنان والـ flash memory وبما أن إيضاح سبب التشبث باستمرار العمل به حينها، وعدم إحالته على التقاعد، مازال عصيا على مسؤول عراقي كبير أو صغير (أو وسطاني) فإن هذا يثير تساؤلات تستجد فيها الحيرة، وتتعاظم في الإجابة عليها الهوة الفاصلة بين المواطن وأجهزة الدولة المسؤولة عن حمايته، تلك التساؤلات هي:
هل أن حاسة الشم عند الكلاب البوليسية وحدها أكثر كفاءة من الحواس الخمسة التي يمتلكها عناصر السيطرات الأمنية؟
ولو أصابت الكلاب عدوى التقاعس والتهاون والتواطؤ والإهمال، وقصرت في أداء واجبها في كشف المخاطر.. هل نستعيض عنها حينذاك بالكركدن؟ أم بالديناصور! أم تستمر حلقات التهديدات تحيق بالعراقيين، رغم أنف المخلوقات جميعها إلى يوم يبعثون!.