خيوط الفجر تشرق بنورها وتطوي بضوئها صفحة الليل المنصرم.
ها هي الشمس تطل بوجهها الجميل فيشرق الكون بابتسامتها المنيرة.
رباه لقد آن اوان الاستيقاظ فالقيت عني شرشف النوم رغم اني عانيت ارقا طويلا خلال الليل منعني النوم والرقاد رغم ذلك نهضت مسرعة تاركة فراشي دون ان اسويه كما في كل يوم لأنني الان في حرب مع الوقت.
توجهت نحو غرفة والديَّ وطرقت الباب عدة طرقات خفيفة فأجابتني امي بصوتها الحنون …
-نعم …نعم …اعدي مائدة الفطور …سنلحق بك بعد حين.
انا الابنة الكبرى لوالديَّ ابلغ من العمر ثلاثة عشر عاما ,لذا فمن واجبي ان انهض قبل الجميع واعد لهم مائدة فطور الصباح وهي في اغلب الايام مائدة بسيطة تتضمن الخبز والشاي وبضع قطع من المعلبات التي لا تكاد تسد جوع اخواني الصغار بضع لقيمات يتناولها الصغار على عجل ثم يسارعون كل الى شأنه فوالدي عامل بسيط في دائرة الكهرباء وهو ليس على الملاك الدائم بل يعمل بأجور يومية وكنا نتطلع تحسن حالنا في حال تثبيته على الملاك الدائم ومضت شهور تبعتها اخرى ومضت سنوات تبعتها اخرى ونحن نطارد املا ربما لا يتحقق.
-ها بابا…
جاءني صوت والدي فتركت افكاري في مهب الريح واقبلت اليه وقدمت له الشاي والخبز فتناول فطوره على عجل واوصى امي بأن تذهب بأخي الصغير الى المستوصف القريب….فتطلعت اليه بنظرة ملؤها الحنان ومغزاها انها تطلب اليه ان يعطيها ثمن تذكرة المستوصف الذي ستذهب اليه .
ابتسم ابي بحنان وأخرج لها كل ما كان في جيبه من نقود وهي لم تزد على خمسة الاف دينار فأخذ منها واحدا هو اجرة المركبة التي تقله للدائرة ذهابا وايابا , بمعنى (500)دينار للذهاب و(500)دينار للإياب.
قدم النقود لأمي وفي نظرته اعتذار وهمس بحنان :هذا كل ما املك.
-لا عليك …الله كريم..
قالت امي ذلك وودعت ابي عند الباب وتمتمت كما في كل صباح …الله خير حافظا وهو ارحم الراحمين.
……………………………………………………….