22 ديسمبر، 2024 2:21 م

بعد عاصفة حكومة التكنوقراط التي اطاحت بالجميع ، برزت الى العلن مشكلة قديمة جديدة ، الا وهي الاصرار على شخوص يتولون العمل الامني ، واللافت في الامر أن الشخصيات الامنية ينبغي لها ان تمتلك بصمة سياسية او مهنية يمكن الاتكاء عليها في الاصرار ، ومستشارية الامن الوطني التي تحولت الى مكان لا ماهية له ولا وظيفة واضحة ، وبات جهازاً مترهلاً مثقلاً بتعيين الاقارب من عشيرة الوزير ، وتهم التربح من التعيينات التي باتت تطارد السيد الوزير وحاشيته ، وهما ابنا أخت الوزير اللذان يديران مكتبه ، وحتى عندما تم تعيين السيد الوزير رئيساً لهيئة الحشد الشعبي ، لم يكن للرجل دور فيها ، والمسألة شكلية ليس الا ، لان الملف كله بيد المهندس الذي كان يدير الامور العسكرية والفنية للحشد ، ناهيك عن ملفات الفساد التي تطارد النائب اخ الوزير ، وبقيت شخصية مثل مستشار الامن الوطني شخصية غامضة لدى الكثير من المحللين ، وذلك بسبب ابتعاده عن الاعلام وصمته ، وقلة تصريحاته الاعلامية .
السؤال الابرز الذي يدور في رحى الجمهور والمحللين والسياسيين ” لماذا الاصرار على الفياض لتولي منصب وزارة الداخلية ” في حين ان هناك الكثير من الشخصيات المهنية وذات البصمة الامنية يمكن الاستفادة من خبراتهم ، وان وجودهم على رأس الوزارة يعطي زخماً كبيراً لها ؟
ان سبب الاصرار هو ليس داخلي بقدر ما هو تأثير أقليمي على حكومة عبد المهدي ، والتي من عنوانها يتبادر الى الذهن انها لن تستمر طويلاً ، وان هذا التاثير هو لضمان حركة التنقل التجاري مع العراق عبر المنافذ الحدودية البرية ، لهذا فأن العراق يعد منفذ مهم لجيرانه ، وان مجي وزير قريب من اجوائها يعطي حرية للتجارة العراقية والاقليمية ، ومنفذا مهماً بعد تشديد الخناق أقتصادياً من قبل امريكا على منطقة الشرق الاوسط تحديداً ، لهذا تخشى الدول الاقليمية من تسنم وزارة الداخلية شخصية تكون بعيدة عنها ولا تجاملها ، وتتناغم مع رغبات واشنطن .
الاختيار يبقى عند رئيس الوزراء وهو صاحب الامر الفصل في الاختيار ، خصوصاً وان الداخلية تمثل عصب الدولة في حماية امن مواطنيها ، وحفظ ممتلكاتهم ، وشخصية مثل الفياض لم تقدم شيئاً في المستشارية وجعلها عائلية صرفة ، لايمكن بأي حال من الاحوال ان تنتقل العدوى الى وزارة الداخلية ، كما ان القائد العام للقوات المسلحة ينادي بالحرب ضد الفساد ، والتسلط على مؤسسات الدولة ، الامر الذي يتنافى وشعاراته ، ويبقى رهين الضغوط السياسية والتي بالتأكيد ستجعل منه رئيس حكومة كأسلافه ، وتبقى الاصنام تعبد الى يوم الدين .