منذ سنوات واللغز الذي حيرني ، بقاء تسجيل السيارات الخصوصي على حاله ، لا تسجل سيارة جيدة الا بالتسقيط ، وسيارات المونوفيس بقيت بلا حل ، حتى غزت مدننا في الجنوب سيارات اربيل بلا” لبنه وكبابه ” هذه المرة ،حتى ، تلقفتها ، اقتنيت سيارة من احدى الوكالات ، بسعر اغراني ، لكنها كانت بلا رقم ،انتظرت شهر وشهرين وثلاثة أشهر حتى قاربت السنة ، عسى ان يصدر قرارا من المرور العامة يحل هذه الإشكالية ، لكن مع ازدحام شوارعنا بالأرقام من اربيل ،بات سعر شرائي للسيارة غاليا ، ناهيك ان وضع رقما لها يتطلب مبلغ يصل نصف سعر شرائها . سعر الرقم الخصوصي الابيض (60) ورقة ، ولو سئلت أصحاب المكاتب الذين يعملون في تعقيب معاملات تسجيل السيارات عن سبب هذا الارتفاع الحاد في السعر ، سيردون عليك وبلا تردد ، عقيد المرور الفلاني لا يفحصها الا بـ3 ورقات وعميد المرور العلاني لا يوقع الا بورقتين …حتى تخرج بانطباع ان دائرة المرور باجمعها لا تأخذ رواتب انما تتقاضى ” ورق ” فقط وانها قطاع خاص .
لا اخفي عليكم عدم تصديقي لما سمعت ، وظننت انها طريقة يستخدمها أصحاب هذه المكاتب للحصول على مكاسب شخصية لهم ،فالنزاهة “باشطة ” عندنا في مكافحة الفساد ، وتصريحات المسئولين ،بضمنهم الرئاسات الثلاث ،بان وضع الفساد في العراق ، تهوله جهات لها اجندات خارجية ، وان الشفافية الدولية التي ساوتنا في الفساد مع الصومال … الذي بلا دولة ، تتآمر علينا .
اشتد الضغط علي من عائلتي بوضع رقم للسيارة فلم يطيقوها صبرا بعد كل هذه المدة ،ورقم الـ 60 ورقة ماثلا إمامي ،تذكرت صديقا لي له مكتب تسجيل ، اعرف مصداقيته ، اتصلت به ، ولخاطري ومعزتي عنده ، خفض لي 4 ورقات ، مع انه ذكر نفس الأسعار التي يتم دفعها لرتب المرور التي ذكرت ،وافقت واتفقت معه ، على ان يسلمني معاملة التسجيل شرط “السجين ” أي كاملة عدا حضوري في اليوم الأخير لاستلام السنوية ، دفعت له العربون ، وصدق فعلا فقد استدعاني ضمن المدة التي اتفقنا عليها لاستلامها ، باعتبار ان السنوية لا تسلم الا لصاحبها .
وقفت إمام احد الشبابيك لأخذ البصمة ، اخرج صاحبي من جيبه 10 آلاف دينار ، عصرها بيدة، حتى صارت كرة صغيره ،مد يده من الشباك ، ورماها على مكتب الضابط ، وهكذا فعل مع الشباك التالي ،
ثم وصلنا لتوقيع ضابط مرور يحمل رتبة كبيرة ، كان يجلس خارج مكتبه في الساحة ، وبمفرده ،قدم صاحبي المعاملة للضابط الذي اخذ يقلب بأسلوب من يبحث فيها عن خطا ما ، ندهني صاحبي وذكر اسمي إمام الضابط وعندما وقفت معه نظر الضابط الينا ووقعها وهو مرغما ، قال صاحبي ” أتعرف لماذا ندهت عليك ” قلت “لماذا ” قال ” لو لم تكن معي ورآك هذا الضابط فانه لن يوقع المعاملة الا بعد ان ادفع له 25 الف دينار ، ثم ذكر صديقي أملاك هذا الضابط وأطيانه ،التي تجاوزت منازل وعمارات سكنية وغيرها .
زاد صاحبي في روايته ، فذكر لي انه راجع المرور ذات يوم ، لوجود معاملة للتعقيب لديه ، فمنع من الدخول لوجود وفد أمريكي يزور المرور ، بعدها خرج الوفد ، وعند التوديع ، اخذ الضابط الأمريكي وهو برتبة عقيد تحية ،لضابط المرور الذي اجتمع معه والذي كان برتبة عالية ،وعلى ذمة صاحبي ،قال ” غرقت حتى الثمالة في الضحك وانا ارى هذا المشهد ” استغربته … لماذا !… رد صاحبي ” لاني بعدها مباشرة ذهبت للضابط نفسه وسهل لي معاملة بعد ان دفعت له الاحمر “25 الف دينار “.
اقسم اني في هذا اليوم الاخير ، ومع كل توقيع ووقفة امام شباك في المرور ، فان صاحبي يعصر الـ10 آلاف دينار ويرميها ، ويبدوا ان شيوع هذه الممارسة ، جعلها تبدو وكانها علنية ، عند احد الشبابيك ، وامامه طابور طويل ، قال لي صاحبي انظر ، اجبته ماذا ، رصدنا تحرك الضباط وخروجهم الى المرافق الصحية كل نصف ساعة وكانهم مصابين بالسكري ، سئلت صاحبي عن السبب ، قال انهم ” يعدلون أرزاقهم المعصورة ويحسبوها خوفا من وصول تفتيش …!!!.
بعد هذه المقدمة والتي اشهد عليها بعيني التي سيأكلها الدود ، اقسم بان الشفافية الدولية لم تنصفنا لانها وضعتنا في تقريرها للفساد في العالم قبل الصومال ، لاننا لو وضعنا رقما للفساد بعمقه (0) ، فان كل مايجري في بلدنا من مكافحة للفساد لم يتجاوزها ، أي انجاز مفوضية نزاهتنا (0).
بالمناسبة مادامت هذه النسب من الأرباح يحققها منتسبون المرور ” الجالسين في المكاتب وليس الموجودين في الشوارع ” فاني وبكل فخر اقترح على هيئة الاستثمار ، عرض دوائر المرور في العراق للاستثمار …!!!.