22 ديسمبر، 2024 2:48 م

لم تتمكن الحكومة من الصمود بوجه ازمة كورونا لو لا هذه الاسباب

لم تتمكن الحكومة من الصمود بوجه ازمة كورونا لو لا هذه الاسباب

لم يكن اكثر المتفائلين يوما يتوقع ان تمر ازمة كورونا وما رافقها من تدهور اقتصادي كبير على بلد مثل العراق الا وتنتهي به الى بلد محطم اقتصاديا واجتماعيا وصحيا ، فالواقع الصحي وتدهور البنية التحتية وغياب الكفالة الاجتماعية الحكومية وانعدام الخطط الاستراتيجية وافتقار البلد لعوامل التنمية الشاملة اسباب قادرة على جعل العراق ساحة لصراعات مجتمعية من اجل الحصول على لقمة العيش (صراع البقاء) وبما ان البقاء للاقوى كما تقول بعض النظريات الا ان الاقوى في العراق هذه المرة يختلف كثيرا عن سواه .

ازمة كورونا وما افرزته من تحديات ارهقت دول العالم برمتها وشكلت خطرا كبيرا على اقوى الامبراطوريات العالمية ، من الطبيعي ان تجد لتأثيراتها في العراق تحديات متعددة ، تحديات تتخطى الجوانب الصحية والاقتصادية لتصل الى حد التأثيرات الاجتماعية التي تعتبر الاكثر تعقيدا في بلد تمتزج فيه التقاليد الموروثة مع القوانين الوضعية ، فالاستعدادات الطبية تصطدم بواقع الحال الذي يفتقر الى مؤسسات صحية كبيرة او اجراءات وقائية قادرة على استيعاب الخطر الاكبر من نوعه في العالم ، فضلا عن انتشار ملايين العراقيين العاطلين عن العمل والذين تقطعت بهم السبل في مواجه الحياة ، اضافة الى اعتماد العراق في مواده الاستهلاكية بنسب كبير على الاستيراد الدولي ، اذا كيف سيكون التعامل مع هذه التحديات الكبيرة .

عند الاشارة الى كيفية تمكن العراق من تجاوز اثار ازمة كورونا بالحد الذي هو عليه الان لابد من الاشادة بمن ساهم بتحقيق هذا الانجاز وهو الشعب العراقي الذي كان له الفضل الاكبر في مساعدة الجهات الحكومية من خلال التقيد ولو بنسب متفاوتة بتوجيهات خلية الازمة وطبيعة التعاون الاجتماعي بين المواطنين انفسهم من خلال المساعدات التي غطت جزأ كبيرا من احتياجات المواطنين ، فآلاف المواطنين البسطاء الذين لا يملكون قوت يومهم كانوا على قدر كبير من الوعي والتقييد بالتعليمات الصحية وقدموا المصلحة العامة على مصالحهم التي تتعلق بحياتهم وحياة عوائلهم وفضلوا البقاء في منازلهم على الرغم من عدم تمكنهم من الحصول على الاموال الكافية التي توفر لهم الحد الادنى من مستلزمات الحياة اليومية ، وفي الحقيقة لو ان هؤلاء تمردوا فعلا على قرارات الدولة وخرجوا من اجل الحصول على لقمة عيش لأبنائهم فانهم حتما سيشكلون قلقا كبيرا وتحديا واضحا للدولة وإجراءاتها .

الدور الكبير الذي لعبته الملاكات الصحية والتي تعاملت مع هذه الازمة من منطلق انساني لا من منطلق وظيفي كان ايضا من ابرز العوامل التي مكنت العراق من الصمود بوجه خطر كورونا اضافة الى دور المؤسسات الامنية والمنظمات الاجتماعية وتوصيات المرجعية الدينية .

كل هذه الاسباب تظافرت لتُمكن الحكومة العراقية من السيطرة على تأثيرات وباء كورونا وهذا يتطلب منها ومن اصحاب القرار ومن يمتلكون زمام الامور في البلد وضع خطط فعالة للتعامل مع هكذا ازمات مستقبلا والعمل على بناء هياكل الدولة بأسس صحيحة تقوم على مبدأ الشراكة من اجل الشعب والاستفادة من خيرات البلد في توفير حياة حرة كريمة يتساوى فيها الجميع والاهم من ذلك التوجه الى احياء الفقراء ودور المساكين لتقديم الشكر لهم على ما حققوه من انجاز كبير يحسب لهم قبل كل شيء .