23 ديسمبر، 2024 10:08 ص

قيل قديماً إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب ، وخاصة عندما ينحسر الصدق وتذهب العفة والنزاهة وحسن الاخلاق مع من مضى وذهب ، اغني مع المرحومة عفيفة اسكندر (شحجي والحجي شي يفيد شحجي ، نيران الل بكلبي تزيد شحجي ، اضحك على حظي مدري ابجي ، شحجي والحجي شي يفيد شحجي ) .

اللافتات والاعلانات وصور المرشحين تحاصرك من كل حدب وصوب ، ولا ادري هل كانت تقول انتخبوا أم انتحبوا ؟؟ ، وقبل أن تبداً الانتخابات سقط العشرات مضرجين بدمائهم ، لماذا ومن اجل ماذا ؟؟ .

إنهم طوال السنوات العشر الماضية كانوا يريدون اقناع عامة الناس بأن الديمقراطية لا تصلح للعراق والعراقيين ، ووجود ديكتاتور اسمه علي بابا واحد مع اقربائه وعشيرته ، خير من الديمقراطية التي جاءت بخمسين علي بابا وخمسمائة الف حرامي .

هل تظنون أن الاعلام لم يؤدي دوراً في افزاع الناس وارعابهم ؟ ، هل تظنون إن الكشف عن ملفات الفساد كان عبثياً ؟؟ ، إنهم يريدون جعل تجربة العراق عبرة لمن يعتبر ، وكان المفروض أن لاتتمرد تونس ومصر بعد التجربة العراقية ، لكنهما تمردتا وكانت النتيجة إن سادت فيهما الفوضى الخلاقة التي تركتها السيدة كونداليزا رايز للعراق .

في منتصف ايام الدولة الفاطمية في مصر ، دخل الوزير ابي محمد الحسن اليازوري على الخليفة الفاطمي المستنصر بالله واخبره بواحد من اسوأ الاخبار الواصلة اليه ، فلقد تمردت ولاية تونس واعلن واليها المعز بن باديس ولائه للعباسيين ، وإن الوزير ليس لديه جيش جاهز لقمع التمرد ، كما إن المال المتوفر في خزينة الدولة لايكفي للأنفاق على جيش كبير ، وكان ذلك في العام 1045 م .

فكر المستنصر بالأمر وسأل وزيره : ما فعل بنو هلال ؟ ، قال : أنهم في برقة يطالبوننا باراض تحمل مواشيهم ، قال المستنصر : تونس مازالت تابعة لنا بالأسم ، فأمنحهم اياها .

كانت قبائل بنو هلال (احدى بطون ثقيف) وبنو سليم من اشد القبائل البدوية التي قاتلت ضد الاسلام ، وقد عاث بعض افرادهما في الارض فساداً في ايام الدولة العباسية ، وهو مما ادى الى غضب العباسيين عليهم . هاجرت بعض بطون القبيلتين الى مصر ايام الدولة الفاطمية ، فافسدوا حقول ومزارع الفلاحين المصريين حيث كانت اغنامهم وخيولهم ترعى في هذه الحقول ، ضج الناس بالشكوى منهم فأبعدتهم الدولة الفاطمية الى اراض بعيدة على اطراف الدلتا والى الصعيد وبرقة ، حتى احتاج الى خدماتهم المستنصر بالله الفاطمي فمنحهم ولاية تونس ، وعلى آثر ذلك ظهرت سيرة بني هلال والتغريبة الهلالية ، وتغنى المصريون بشجاعة بني هلال وبطلهم المغوار ابو زيد الهلالي ، أما ماهي البطولات التي حققوها على الارض التونسية فهي النهب والسلب ، وتدمير مدينة القيروان بحيث لم يبقوا فيها حجراً على حجر ، واساتذة التاريخ التونسي والجزائري يذكرون الاعاجيب عن اعمال هذه القبائل البدوية التي حطمت حضارة تونس واعادتها عشرات السنين الى الوراء ، أما لماذا اذكر السيرة الهلالية في هذا المقال فعلى قول المصري (الحدق يفهم) . 

****

   مما حفظه الناس من كلام النبوة الاول (إذا لم تستح فاصنع ماشئت ) ، ولأن الذين يعدون ويخلفون كثر ، والذين يدعون ويزعمون بأنهم سيحققوا المعجزات بعد الانتخابات كثر كذلك ، لهذا فلم اذهب للتصويت ولم اصوت لأحد ، فلقد اعتدنا إن نختار مشاهدة فيلم امريكي فيظهر لنا فيلم هندي ، واعتدنا أن نختار اغنية لكاظم الساهر فنسمع اغنية لسعدي الحلي ، فأن ذهبت للتصويت أو جلست في المنزل فالفائزين في الانتخابات هم نفس الوجوه والعقليات القديمة ولكن بأسماء جديدة .