في الواقع تتباين الصفة الستراتيجية لهذا الحوار بين كلّ من بغداد و واشنطن , وأيّ منهما اكثر حاجةٍ للآخر , اي أنّ هنالك حالة عدم توازن ولابدّ للجانب الأكثر ضعفاً ” في هذا المجال ” أن يأخذ ذلك في الإعتبار والحسبان .
منَ الملاحظ أنْ لمْ يجر في العراق تهيئة الأجواء العامة والخاصة لمحاولة إنجاح هذا الحوار, ومثل هذه الأجواء لها اكثر من زاوية , واكثر من زاوية نظر ايضاً . كما أنّ هذا الحوار الستراتيجي المرتقب يمسّ مستقبل وتطلعات الشعب العراقي من الناحية العملية , قبل أن يمسّ فعلياً احزاب الإسلام السياسي الحاكمة ومعها الحكومة العراقية التي تتشكّل معظمها من هذه الأحزاب والفصائل , وأزاءَ ذلك لم يُراد اجراء استطلاعات رأي واستبيانات للتعرّف على آراء الجمهور بهذا الشأن , وكأنهم لا علاقة لهم بهذا الشأن .
والى ذلك او بموازاته , فلم تقم حكومة الكاظمي بعقد سلسلة لقاءات استشارية مع النخب الثقافية والسياسية في البلاد , بدءاً من خبراء القانون الدولي والأقتصاد , والأكاديميين ورجال الإعلام وكذلك منظمات المجتمع المدني , حول ماهية وآلية واتجاهات هذا الحوار , فآراء هؤلاء انما تثري المواقف التي سيستند عليها الوفد العراقي المفاوض بلجانه المختصة .
وفي الحقيقة و وِفقَ ما يبدو فأنّ نقاط الإلتقاء تكاد تغدو متقاربة بين الأمريكان والوفد العراقي لولا النقطة الحسّاسة التي تطالب بها الأحزاب والفصائل بأخراج القوات الأمريكية من العراق , وهي نقطة ليس من السهولة إبداء آراء مسبقة فيها وتتطلّب عناءً من الجهد والبحث والتفاصيل , ولها من الأبعاد الأقليمية المعروفة , كما انها قد تمتلك بعض المرونة للتعديل والتغيير من الناحية الإفتراضية وفقا للظروف والمتطلبات !
تُؤاخَذ وسائل الإعلام والقنوات الفضائية العراقية , وكذلك القنوات العربية البارزة , في عدم اجراء لقاءات ومقابلات مكثّفة مع قادة الأحزاب الرافضة للوجود الأمريكي في القواعد الجوية , بهدف عرض وجهات نظرهم حول مصلحة العراقيين في ذلك , وفي التأثير على الجمهور العراقي في تقبّل هذه الرؤى , حتى لو تعارضت مع المصالح الأقتصادية للبلاد مثلاً .!
اللجان السياسية والعسكرية والأقتصادية التي سوف يتشكّل منها الوفد العراقي المفاوض , تتفرّع ايضا الى لجانٍ اخريات في مجالات التعليم والبيئة وربما الكورونا وما الى ذلك , لكنه يمكن القول ” بشكلٍ او بآخر ” بأنّ فشل اللجنة السياسية بفشلٍ نهائيٍ مفترض فأنه سوف يقضي على اية نجاحاتٍ مفترضة للجان الأخرى .!
المفاوضات وجلَساتها سوف تطول وتأخذ وقتاً , وقد تنتقل الى مستوى وزراء الخارجية في وقتٍ لاحق , ونظنّه متأخراً , والى أن تصل الى اعلى المستويات والى درجة الحسم في النتائج التي سيجري التوصل اليها , فنشكّ أنْ يبقى البرلمان الحالي على وضعه , وهذا الشكّ يتأتّى من < أنّ بعضَ الظنِّ ايضاً ليس بأثمٍ>