23 ديسمبر، 2024 11:09 ص

لماذ يُهدم نصب الشهيد في بغداد ؟

لماذ يُهدم نصب الشهيد في بغداد ؟

ليس غريبا أن يقال أن داعش والمليشات وجهان لعملة واحدة فبالأمس مُسحت آثار النمرود في الموصل وذهب تاريخ بأكمله, لم يكن النمرود مسلما كان حاكما طاغيا لكننا لم نحتفظ بآثار النمرود ولم نحتفظ بآثار بابل لان أصحابها ملوك وطغاة  بل لأنها تمثل تاريخنا وعمقنا الحضاري تمثل وعي امة يمتد في أعماق التاريخ السحيقة لينتهل من تحولاته دروسا وعبرا حببها الإسلام قال تعالى {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ} [النمل : 69] فلإسلام لا يريد تحميل الملوك والطغاة وزر ما ارتكبوه كاملا دون ان يكون للأمة دورا فيما ولت عليها فالحديث الشريف يقول حيث ما تكونوا يولى عليكم , إذن فلآثار التاريخية بعيدة كانت أو قريبة إنما تحكي واقعا ليس بالضرورة ان يكون إيمانيا إنما تجسد الاثار ببعدين أساسيين الأول يمثل الجانب المجتمعي وسلوك الإفراد حكاما ورعية والأخر يمثل مراحل تطور البشرية فكريا ولا يوجد في الكون شر مطلق فكل شيء فيه جانب من الخير ولهذا رغم التاريخ المليء بالمآسي ارتقت البشرية نتيجة التلاقح الفكري بين الحضارات وهكذا الإسلام رغم انه جاء ليقضي على الجاهلية التي تمتهن قتل الإنسان إلا أن الإطار العام هو بعثة تتم مكارم الأخلاق التي كانت تتميز بها القبائل العربية فقدم الإسلام مكارم الأخلاق على كل مساوئ الجاهلية .
واليوم في العراق يخطط لسحق حضارة العراق بالكامل وتحوليه من تاريخ يمثل عمق حضاري لمختلف الأعراق الأديان إلى بلد ذي سمة طائفية او بلد ليس له عنوان إلا الطائفية . اذ يصرح علي الأديب إن رئيس الوزراء حيدر العبادي امر بهدم نصب الشهيد الذي اقيم في زمن النظام السابق وإقامة نصب لشهداء سبايكر بديلا عنه . نعم انصبوا لشهداء سبايكر الف نصب ونصب لتقرأ الاجيال تاريخ قيادة وزراء سربت اوامر بالانسحاب وسلموا رعيتهم إلى كارثة الموت, انصبوا ولتقرا الاجيال قصة حاكم كان ثلاثة أرباع جيشه من الفضائيين هرب قادته وتركوا جنودهم ,انصبوا واتركوا التاريخ يكتب قصة الأهالي الذين ذاقوا الامرين وهاجموا برلمانا فشل في حفظ امن البلاد, نعم اكتبوا تاريخكم الاسود . لكن لا تهدموا نصب الشهيد وتركوه للاجيال تقرر كيف كنا . اما ذريعة ان هذا النصب يمثل النظام البائد ويعبر عن ايحاءات تسيء لجيران العراق ”  فلا اعلم هل وضع نصب الشهيد في بلدانهم او انتهك سيادتهم ام ان لديهم شعورا مرهفا يتأذى , فكلهم سياسيون يمتهنون المؤامرة وهذا جزء منها حيث ان سحق الآثار داعشيا او مليشياويا وإبراز وترميم كل الجوانب الطائفية من شأنه خلق مجتمع طائفي تدار بوصلته من خلال السياسات الطائفية .