22 نوفمبر، 2024 8:42 م
Search
Close this search box.

لماذا يمنح الصيدلي في العراق لقب “دكتور صيدلي”

لماذا يمنح الصيدلي في العراق لقب “دكتور صيدلي”

قبل الخوض في تفاصيل هذا الموضوع، أدرج أدناه التعريف العلمي لمهنة طبيب ولمهنة صيدلي.
أولا، ليس كل طبيب (physician) هو دكتور؛ وثانيا، ليس كل دكتور هو طبيب. فالتعريف العلمي للطبيب (physician) هو كل شخص درس مهنة الطب في كلية طبية وتخرج منها حيث باستطاعته أن يشخص ويعالج مرضا ما. ولكن، ولسهولة اللفظ، أصبح دارجا في معظم دول العالم، ومنها الدول العربية، أن ينادى على الطبيب باسم/لقب دكتور. ولكن في الحقيقة العلمية والتعريف المعروف، فإن إسم “دكتور” ينطبق فقط على من حصل على شهادة الدكتوراه، في احدى فروع الطب او اي علم آخر. عندها، لو كان الطبيب قد حصل على شهادة الدكتوراه، فبالتأكيد هو علميا ومهنيا “دكتور طبيب”، أما في غير مهنة الطب، فليس صحيحا اخلاقيا وقانونيا أن يسمى الشخص “دكتور” ويدعي أنه ينتسب لمهنة صحية أخرى غير مهنة الطب، إلا إذا كان حاصلا على شهادة الدكتوراه فيها.
أما الصيدلي، وحسب تعريفه من قبل منظمة الصحة العالمية، فهو “شخص على دراية بصياغة وصرف وتقديم معلومات سريرية عن الأدوية للأطباء وللمهنيين الصحيين والمرضى، وهو أحد الأشخاص في فريق الرعاية الصحية، ويلعب دورا رائدا في تقديم رعاية صيدلانية عالية الجودة للمواطنين”.
ومن التعريف أعلاه، لم نجد أن الصيدلي قد تم تعريفه على أنه “دكتور”، فمهماته وواجباته ودراسته الاكاديمية تختلف تماما عن تلك التي حصل عليها ويتمع بها الطبيب أو الدكتور الطبيب. وبهذا عمليا، فإن الطبيب، سواء كان حاملا لشهادة الدكتوراه أم لا، فهو الشخص الوحيد الذي يشخص المرض ويصف له العلاج، الذي بدوره يحضّر ويصرف للمريض من قبل الصيدلي. أي أن الصيدلي ليس له أي المام أكاديمي أو معرفي، وكما ذكرناه في مقال سابق، أن يشخص مرضا ما ويصرف له الدواء، وإن فعل ذلك فهو يتخطى حدود مهنته ويجب ان يحاسب عليها قانونيا.
وعودة لما ذكرته في مقال سابق، أود هنا إلقاء الضوء على مهنة الصيدلة ودراستها وممارستها في كل من الولايات المتحدة وبريطانيا.
ففي الولايات المتحدة، تتطلب ممارسة مهنة الصيدلة الحصول على درجة دكتور صيدلة، وهي دراسة ما لا يقل عن سنتين من الدورات الدراسية المحددة قبل المهنية (الجامعية) تليها 4 سنوات أكاديمية من الدراسة المهنية، حيث لم يعد تقدم شهادة البكالوريوس في الصيدلة في الولايات المتحدة من أجل ممارسة المهنة. بمعنى آخر لكي يمارس الشخص مهنة الصيدلة عليه ان يكون قد أتم دراسة 6 سنوات لبرنامج الصيدلة في احدى الجامعات الأمريكية، ويسمى الخريج بعدها دكتور صيدلة (Pharm. D.). ومع ذلك فليس له حق تشخيص المرض ووصف العلاج له، فتلك هي مهمة الطبيب، والطبيب وحده.
وأما في بريطانيا، فبعد أن يكمل الطالب دراسته الثانوية وحصوله على الشهادة العامة للتعليم الثانوي GCSE، يجب ان ينهي سنتين اكاديميتين أخريين لدراسة المستوى A (A level) ويجب ان يكون حائزا على معدل A-B في مواد الكيمياء والبايولوجي (علم الأحياء) والرياضيات والفيزياء لكي يتم قبوله في إحدى كليات الصيدلة في بريطانيا.
وبعد دراسته الأكاديمية في إحدى كليات الصيدلة في الجامعات البريطانية، يجب على الطالب أن يحصل بعدها على شهادة الماجستير مع النجاح بامتحان ممارسة المهنة من قبل المجلس الصيدلاني في بريطانيا.
وختاما، واستنادا لم ذكرته من معلومات أعلاه، فأنا ضد منح لقب “دكتور صيدلي” لأي خريج من أي كلية صيدلة في العراق، حكومية كانت أو أهلية، عدا من حصل منهم على شهادة الدكتوراه من جامعة معترف بها. وأتمنى أن يأتي اليوم الذي أرى فيه إلغاء القانون الذي منح الصيدلي في العراق لقب “دكتور صيدلي”، لأنه لا يستحقه علميا وقانونيا.
* بروفيسور متخصص بعلم وظائف الأعضاء والعقاقير الطبيبة

أحدث المقالات