23 ديسمبر، 2024 5:12 ص

لماذا يعترض المعترضون على محمد علاوي عندما يقول : كم من السائرين إلى الحسين (ع) قلوبهم معه وسيوفهم عليه !!!؛

لماذا يعترض المعترضون على محمد علاوي عندما يقول : كم من السائرين إلى الحسين (ع) قلوبهم معه وسيوفهم عليه !!!؛

عندما بلغ الحسين (ع) الصفاح في مسيرته من مكة إلى العراق لقي الفرزدق قادماً من الكوفة فسأله ( ما وراءك يا أبا فراس )، فقال الفرزدق ( تركت الناس قلوبهم معك وسيوفهم عليك ) فقال الحسين (ع) ( ما أراك إلا صدقت يا أخا تيم، الناس عبيد المال، والدين لعق على السنتهم يحوطونه ما درت به معايشهم، فإذا محصو بالبلاء، قل الديانون )؛

هذا كان وضع أهل العراق سنة ستين للهجرة، فما هو وضعهم في الحاضر؛ الكثير من أهل العراق يندبون الحسين (ع) ويبكونه، ويسيروا إليه بالملايين من كافة أرجاء العراق، فكم من هذا البكاء كان صادقاً، وكم من الماشين إليه يحسبون أنهم مأجورون ولكنهم آثمون بمسيرهم

لم يرد الحسين (ع) من البكاء تعاطفاً معه فحسب، فقد بكى عليه تعاطفاً عمر ابن سعد وهو يأمر بذبحه، وبكى عليه أهل الكوفة تعاطفاً حين استقبلوا السبايا، فخاطبتهم العقيلة زينب (ع) ( أتبكون؟ وتنتحبون؟ إي والله فابكوا كثيراً واضحكوا قليلاً، فلقد ذهبتم بعارها وشنارها )؛

ولم يرد الحسين (ع) أن نسير إليه لمجرد المسير، بل أراد أن نسير على نهجه وعلى خطاه وطريقه، كما أرادنا أن نبكي ليس تعاطفاً، فالحسين (ع) لم يستشهد من أجل أن ينال تعاطفنا، بل استشهد من أجل القيم التي رفعها ومن أجل منهجه الذي أعلنه ( إنما خرجت أريد الإصلاح في أمة جدي رسول ألله (ص) )، فأراد بكاءنا ألماً وتعاطفاً معه للسير على نهجه لمقارعة الظلم والطغيان والفساد ومواجهته بالقسط والعدل والإصلاح وهو ما دعا اليه وأراده في نهضته الجبارة وثورته العظيمة

حري بنا أن نسأل أنفسنا. هل نحن صادقون حينما نقول ( يا ليتنا كنا معكم فنفوز والله فوزاً عظيما؟؟ ) حري بنا أن نسأل أنفسنا حين نسير إلى كربلاء ( هل إننا ننال بكل خطوة حسنة وتمحى عنا سيئة؟؟ )؛

حري بنا حين نذرف الدموع حزناً على الحسين (ع) أن نسأل أنفسنا ( هل حقاً سنكون يوم القيامة مصداق قول الصادق (ع) / كل عين يوم القيامة باكية إلا عيناً بكت على الحسين (ع) فإنها ستكون ضاحكة؟؟ )؛

إن الذين لا يتورعون عن أكل مال الحرام من عشرات الآلاف من المنتسبين في الدولة من الرشاوى من المواطنين المستضعفين؛ ممن يعتقدون ان قلوبهم مع الحسين (ع) ويذرفون عليه الدمع الغزير، فكأني بالعقيلة زينب (ع) تخاطبهم الآن وتقول لهم كما قالت لأهل الكوفة ( إي والله فابكوا كثيراً واضحكوا قليلاً، فلقد ذهبتم بعارها وشنارها )؛

و أما الذين يدفعون الرشاوى من التجار والمقاولين لتحال إليهم العقود بغير حق، ومن يستلمها منهم من الموظفين في مؤسسات الدولة، بل ما يأخذوه من عمولات على حساب البلد والمواطن ممن يظنون ان قلوبهم مع الحسين (ع) ويسيرون أياماً باتجاه كربلاء، فكأنهم بكل خطوة يخطونها إذا اعتقدوا أن الحسين (ع) سيكون شفيعهم ليغفر لهم ما يتنعمون به من اموال السحت، وإن الله سيغض الطرف عن السرقات من افواه اليتامى والارامل إنما يدعسون على قيم الحسين (ع) ومبادئ الحسين (ع) وأهداف ثورته العظمى فيزيدوه ألماً، وكأني به يخاطبهم،: ( اجلسوا في بيوتكم وكونوا أناساً صالحين فلكم عظيم الأجر، واجركم يقيناً سيكون اعظم بكثير من مسيركم وانتم غارقون بأموال الحرام )، فإنكم بما سرقتموه من قوت المستضعفين إذا اعتقدتم وانتم مصرون على المعصية ان الحسين (ع) سيشفع لكم ويحلل لكم اموال الحرام، فإنكم مخطئون، بل الامر على النقيض، فإنكم بكل خطوةٍ تخطونها، لا تكتب لكم حسنة او تمحى عنكم سيئة بل ستكتب لكم بكل خطوة سيئة وتمحى عنكم حسنة، فالحسين (ع) لم يثر ليسير الناس اليه وليبكوا عليه ويعتبروا المسير سبباً لتحليل الرشاوى والعمولات، وإنما ثار ليأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فمن تمثل بنهجه نال بكل خطوة حسنة ومحيت عنه سيئة، نعم قد تظنون ان قلوبكم مع الحسين (ع) ولكن اعلموا انكم بنهجكم هذا فإن سيوفكم عليه، فبئس المنقلب منقلبكم وبئس المثوى مثواكم

لقد اعترض علي بعض المعترضين وقالوا [ انك بما تكتب تثبط الناس عن المسير إلى الحسين (ع) ] فأقول لهم ان هنالك صنفين من الحجب التي تحجب الانسان عن الله، حجب الظلمة وهي الذنوب الواضحة، وهناك حجباً اخرى تسمى بحجب النور كما ورد عن اهل بيت النبوة عليهم السلام، كالمصلي رياءً، فتلك الصلاة تحجبه عن الله؛ الصلاة بذاتها مستحبة، ولكن الرياء لا يكون سبباً لمحو الاجر فحسب بل سبباً يحيل الصلاة المستحبة إلى اثم وحجاب تحجب عن الله، لذلك قال الله تعالى في كتابه الكريم { فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ } فالله يهددهم بالويل من عذاب شديد في النار، فقد ساوى الله بين عقوبة الساهي والمرائي في صلاته وبين ذنوب عظيمة اخرى كما ورد في عدة آيات في قوله تعالى { وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ (*) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (*) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ } وقوله تعالى { وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ } وقوله تعالى { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍۢ لِّلْمُكَذِّبِينَ } وقوله تعالى { وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍۢ }، فالتطفيف والهمز واللمز والتكذيب والافك من حجب الظلمة والسهو والمراءات في الصلاة من حجب النور ولكن عقابهم متقارب ولعله واحد؛ فمعاوية ابن ابي سفيان على سبيل المثال آثم بصلاته لنفاقه وريائه، مع ان الصلاة بذاتها امر مستحب بل واجب، اما شرب معاوية للخمر فهذا العمل اثم بذاته، وشرب الخمر هنا ايضاً حجاب عن الله ولكنه من حجب الظلمة لأن اصل العمل محرم؛ وكذلك المسير الى الحسين (ع) اعتقاداً من السائر ان ذلك المسير يجيز له اخذ الرشوة ويبقى مصراً على هذا الذنب وإن ذنبه هذا مغفور بسبب مسيره، فهنا المسير سيكون حاجباً عن الله، نعم هذا الحجاب من حجب النور لأن العمل بذاته مستحب وهو غير حجاب الظلمة كأخذه للرشوة، ولكنه اثم وحجاب عن الله، والحسين (ع) يرفض هذا المسير إذا كان هذا المسير سبباً للإصرار على الاثم واكل اموال السحت معتقداً ان ذنبه المصر عليه مغفور بسبب هذا المسير، وهكذا يستحيل المسير المستحب إلى اثم كاستحالة الصلاة إلى اثم كما اوضحه الله في كتابه الكريم، لأنه بهذا المسير سيبرر لنفسه اخذ الرشوة وارتكاب الحرام، اي ان هذا المسير سيزيد الانسان ايغالاً في الحرمة وبعداً عن الله وليس العكس، وكما كانت صلاة الساهي والمرائي سبباً لتهديده بالويل من عذاب جهنم، فهذا المسير سيكون سبباً لزيادة الاثم وعقاب جهنم في الآخرة، ويقيناً هذا الانسان ان بقي في بيته غير سائر الى الحسين (ع) وهو مخلص في عمله ونزيه في تعامله مع الناس فهو مأجور لأنه سائر على خطى الحسين (ع) وعلى منهجه، فأنا لا اثبط الناس، وانما اعرفهم بحقيقة الدين التي يجهلها الكثير من الناس، فأنا فيما اكتب [ آمر بالمعروف ناهٍ عن المنكر ]؛

نصيحتي لكل من يسير هذه المسيرة العظمى إلى كربلاء المقدسة، أن يفكر مع كل خطوةِ يخطوها، بما ذكرناه، إن كان قلبه مع الحسين (ع)؛ ليحكم على نفسه، هل إن سيفه مع الحسين (ع) أم سيفه على الحسين (ع) !!!!؛

https://mohammedallawi.com/2015/11/21/