23 ديسمبر، 2024 7:15 ص

لماذا يصار الى الحلول القشرية ؟

لماذا يصار الى الحلول القشرية ؟

لم يعد خافياً على أحد :
إنّ الوضع المالي للعراق قد وصل الى حافة الهاوية … بعد أن انهارت اسعار النفط …

ولو لم يكن العراق يخوض حرباً ضارية ضد الأوباش من ” داعش ” وهي حرب باهظة الكلفة – لا بالدماء الزكية التي تراق فيها فحسب ، بل بِما تستلزمه من موارد مالية ضخمة لادامة عمليات المواجهة الساخنة لأعداء الله والانسانية حتى تحرير كامل التراب العراقي من دنس التكفيريين المجرمين .

وفي مثل هذه الحال تشتد الحاجة الى المال بدرجة أكبر مما كانت عليه قبل 10/6/2014 .

والتفكير منصب على معالجة عجز الموازنة بكل الوسائل والطرق ،

ومن هنا جاء التفكير بسُلّم جديد لرواتب الموظفين، وأثار ضجة كبرى في أوساط هذه الشريحة التي لم تتجاوز خط الفقر الاّ قليلاً ..!!

ولن تكون الفوارق بين السلّم الجديد وسابقه الاّ بحدود المليار دولار فقط، وهي نسبة موهونة بالقياس الى المجموع الكلي للموازنة الذي تجاوز المائة مليار دولار .

الشاعر العربي يقول :

كالعيس في البيداء يقتلها الظما

والماءُ فوق ظهورها محمولُ

إنّ هناك من الطرائق والوسائل الكفيلة بتأمين العجز المالي في الموازنة ماهو أسهل منالاً ، وأبعد عن الإرباك لأوضاع الملايين من المواطنين المتذمرين من السُلّم الجديد للرواتب .

أولها :

استرجاع قطع الأراضي التي وزّعت على الوزراء واصحاب الدرجات الخاصة، والتي تقدّر قيمتها بالمليارات من الدولارات، علماً بان اغلب اولئك الذين مُلّكوا تلك القطع ، يملكون دوراً وعقارات كثيرة …

فلماذا الاصرار على ابقائهم أثرياء مترفين دون وجه مقبول ؟

ثانيها :

استرجاع العقارات العائدة للدولة والتي بِيعَتْ بأرخص الأثمان للمسؤولين..!!

وفي اقل الاحوال :

انتزاع الفوارق بَيْن قيمتها السوقية وقيمة الشراء .

وهذا ما يوّفر للدولة المليارات من الدولارات .

ثالثها :

مساءلة الذين قدّموا مستندات ووثائق مزّورة بشراء معدات ومواد بمئات المليارات من الدولارات ثم لم يتم توريدها الى العراق أصلاً

انها بلغت في تقدير احد البرلمانيين (312) مليار دولار ..!!

رابعها :

المباشرة بتشريع قانون يُصعّد بنسب الضرائب على الدخل والعقار الى مستويات أعلى مما هي عليه، وهذا اجراء لا يمس الاّ كبار الأثرياء في حين يكون الفقراء ومحدودو الدخل بمنأى عنه .

كل ذلك على سبيل المثال لا الاستيعاب …

وبموازة تلك الاجراءات يكثّف القضاء عمله في ملاحقة اللصوص والمختلسين، عبر اصدار أوامر القاء القبض والتحقيق والإحالة الى القضاء .

ان مبدأ ( من اين لك هذا ) يكشف أنّ من كانت تحل عليهم الصدقات تحولوا بين عشية وضحاها الى أصحاب ثروات هائلة فكيف حصل ذلك ؟

ومن أين جاءتهم هذه الأموال ؟

ان المرجعية الدينية العليا والجماهير الشعبية لم يريدا أنْ يُعاقب أصحابُ الدخل المحدود من الموظفين، وانما أرادا ملاحقة قراصنة الفساد واحالتهم الى القضاء وانتزاع ما سرقوه من المال العام

وهذا هو الحل .

ومن المفيد في هذا الباب

الاعلان عن مكافأة مجزية لمن يدلي بمعلومات موثوقة عن المختلسين والناهبين للمال العام .

وما لم يتم القاء القبض على حيتان الفساد ورؤوسه الكبيرة ، ووقوفهم أمام القضاء ، وانتزاع ما نهبوه من المال العام ، فان كل ما يتخذ من اجراءات تقشفية لن يُغيرّ من الواقع المالي المأساوي الذي يعيشه العراق.

وليس هناك ما يُرعب المواطنين أكبر من إخبارهم بان موارد النفط لا تفي بتغطية رواتب الموظفين والمتقاعدين …!!

[email protected]