رئيس الوزراء حيدر العبادي حرص خلال الأيام الأخيرة من شهر رمضان على توجيه دعوة للقوى السياسية الفاعلة والفائزة في الإنتخابات النيابية الأخيرة وكبار الشخصيات والزعامات العراقية الى لقاء وطني شامل لايستثني تكتلا، أو قوة سياسية وتمثل المكونات الأساسية وهو يعني الأكراد والشيعة والسنة وممثلي الأقليات الدينية والعرقية، وتجري الآن إستعدادات مكثفة، وتحضيرات مهمة لترتيب اللقاء، ووضع الآليات والبرامج المناسبة لإنجاحه، وكذلك ترتيب الأولويات التي سيجري النقاش فيها والمتعلقة بتشكيل التحالفات السياسية المقبلة تمهيدا لإعلان الحكومة التي تقع عليها مسؤولية إدارة البلاد للسنوات الأربع القادمة خاصة وإن العراق بحاجة الى نهضة إقتصادية وعمرانية لايمكن أن تتم مالم يكن هناك إتفاق على حسم القضايا العالقة بين الكتل والمكونات الأساسية، وهي ترتبط بجملتها مع الحاجة الى الإستقرار الأمني والسياسي ليتسنى تدعيم الإقتصاد الوطني، وفتح السوق العراقية أمام فرص إستثمار كبرى يحتاجها الوطن الذي مايزال شعبه ينتظر المزيد خاصة بعد تحقيق النصر على داعش وقوى الإرهاب، مايعني الحاجة الماسة الى تفاهم وطني يتجاوز الخلافات، ويوفر ضمانات إيجاد الحلول للمشاكل المترتبة على سنوات المواجهة مع الإرهاب، والعزلة القسرية التي فرضت من الخارج.
النتائج التي خرجت بها القوى الفائزة كإئتلاف النصر بزعامة العبادي تشير الى تقدم قوى بعينها، وتراجع أخرى، كما إن العبادي يرى إنه من غير المقبول وجود تجاوزات على القانون في بعض موارد عمل مفوضية الإنتخابات بعد التهم التي وجهت لها، ولهذا فإن فوز قوى حققت شعبية واسعة كإئتلاف النصر، وخسارة أخرى، ومارافق ذلك من إعتراضات من قوى اساسية على أداء مفوضية الإنتخابات يدفع بإتجاه تمهيد الأرضية الملائمة لتحقيق التوافق الوطني المطلوب من أجل تشكيل الحكومة المقبلة، ومنع إنجرار البلاد الى مواجهة غير محمودة العواقب، وتوفير فرصة كبيرة للقاء وطني شامل وحقيقي يؤكد نجاح التجربة الديمقراطية رغم كل محاولات تعطيلها وإفشالها سواء بالإرهاب، او التزوير، أو الفساد.
اللقاء الوطني حاجة ليست للعبادي، بل هي ضرورة تشعر بأهميتها القوى السياسية التي تريد قرارا شجاعا لجمعها على طاولة واحدة، وهو ماتحقق من خلال الدعوة التي تقدم بها رئيس الوزراء لعقد هذا اللقاء الشامل الذي رحبت به القوى السياسية التي تشعر بالفعل إنه يمثل الفرصة الأكثر نجاعة لتقويم مسار العملية السياسية، ووضعها على السكة الصح، والدفع بإتجاه إنجاح التجربة الوطنية، ومنع محاولات إفشالها من قبل من لايريد لها النجاح.