5 نوفمبر، 2024 10:42 م
Search
Close this search box.

لماذا يخشى الغربُ الإسلام

لماذا يخشى الغربُ الإسلام

ينقسم الناس ابتداء حول هذا الإنطباع او الواقع كما قلت للتو فمنهم من يظنه انطباعا خاطئا موهوما ومنهم من يراه واقعا معلوما ، وكثيرا نسمع عن نظرية المؤامرة بين حقيقتها التي تنبئ عنها الوقائع الدائرة وبين مكذبيها ومسفهي عقول من يؤمن بها على أنهم قوم ساذجون ، انظر مقالي (المؤامرة في نظرية المؤامرة) ،
فالناس – من المثقفين- إذن بين من يرى أن العداء الغربي للإسلام والتآمر عليه وهما ، ومنهم من يراه حقيقة نتائجها ظاهرة ، وانا أجاري الصنف الأخير بطبيعة الحال لأدلة ملموسة وأخرى عقلية كما أراها ، وكوني لا احتاج ومعي الكثير أن ادعم هذا الرأي بدلائل ، فدعني أبين الأسباب التي تكمن من ورائه ،
الاسباب التي تدفع الغربيين من اصحاب القرار والفكر والتنظير والتخطيط الآيديولوجي ان يخشوا الإسلام ونهوض المسلمين او اتحادهم والتي تدفعهم الى محاربته والتآمر عليه من الخارج والداخل دون فتور والاجتهاد في منع ترسخه مرة أخرى في نفوس اتباعه فضلا عن تمويلهم كل جانب لطعنه او الحط منه او تفكيك حلقاته او سلخ مجتمعاته ،
فكما للامة الفارسية اسبابها الثأرية المترسخة في الوجدان السياسي ضد الإسلام ولذلك اخترعت مذاهبا ومدارس ومشارب لضربه من الداخل وحرفه عن أصله بعد اليأس من الفكاك منه (انظر مقالي : الفرس والإسلام ونظرية الثأر) ، فإن للغربيين أسبابهم ايضا ، فالامم الاوربية والغربية لاتنسى زحف جيوش الإسلام اليها عسكريا في قرونه الاولى والوسطى وكسر هيبتهم وهدم دولهم واكتساحها ونشر أخلاقياته وأدبياته وتعاليمه ولغته بين ربوعها -رغم مايثبته التاريخ من تركه لحرية الدين والمعتقد والعادات وكذلك حفظ اموالهم ونفوسهم وامانهم- ،
والغرب يختلف عن افريقيا -التي هي الاخرى كانت مسرحا لفتوحات المسلمين وثقافتهم التي تلقاها الافارقة بالقبول واندمجوا معها وتبنوها الى اليوم دون انزعاج الا ماندر- ، فالغربيون رفضوا ويرفضون الى اليوم بعمومهم وباغلب نخبهم سيطرة الاسلام او انتشاره خوفا على محاور كثيرة أهمها -ماخافت منه قريش قبلا- وهو التمتع بسلطات الكنيسة ورجالها الذين تتيح لهم بعض تعاليمها التي حرفوها متع الحياة بل وشهواتها الشاذة وهذا ماسيحده الإسلام إن اتبعه العوام ، كذلك الاقتصاد المعتمد في اساسه على التعاملات الربوية وغيرها من الاستغلال للبشر وانعدام التكافل وجعل الإنسان آلة مستعبدة في العمل وتسديد الفواتير لينعم أصحاب رؤوس الاموال والثروات المتراكمة بميزات الى الأبد ،
كذلك الإسلام سيمنع التحرر المنفلت واطلاق الشهوات والرغبات ويحد من الشذوذ ويمنع استغلال المراة والاطفال وانتشار الفاحشة ويدعم الأسرة والوالدين ويمنع العلاقات العاطفية والاطفال خارج الزواج الشرعي ، وكل هذا لايناسب مايريده الشيطان وكبار اتباعه ممن غيروا اخلاق الغرب وسيطروا عليه وجعلوه مرتعا لرغباتهم الدنيوية الدنيئة طوال القرنين الأخيرين وقبل ذلك تاريخيا ،
لكل هذا ولحساسية ثقافية وايديولوجية وكبر في النفوس يرافقه رغبة مشروعة في الاستقلال السياسي يدفع الغربيين الى الخشية من عودة الاسلام بمنهجه الحقيقي الأصيل ومعناه الجهادي والعالمي والرسالي لإيمانهم انه اذا عاد هكذا فمصيرهم الى الزوال ومصير الارض الى الاحتكام بتعاليم الله السامية وطاعته ،
ولذا فان الغربيين بدوائر مخابراتهم وبمراكز قرارهم لايألون جهدا في افساد عقول الشباب المسلم والعربي على وجه الخصوص ،وبحثهم الدائم عن حكام يماهونهم ويتناغمون معهم في إفساد المجتمعات ونشر الرذيلة والأسفاف بين رعيتهم كما يحدث اليوم في جزيرة العرب والعراق والشام ومصر ، والصراع الدائر لارجاع تركيا واستلالها من أيدي الإسلاميين بالتجسس والاغراء والاقتصاد وحتى بالإنقلاب كآخر العلاج ،
لا تحقرن من افعالهم حتى صغائر وتفاصيل الامور في شوارع المدن الإسلامية وأزقتها ومنظماتها المدنية وناشطيها و”ناشطاتها” وثياب اهلها واذواقهم وفنونهم ومساجدهم ومدارسهم ومناهجهم وكل صغيرة وكبيرة، كل مايستطيعون الوصول اليه عن طريق الجهلة والفسقة وضعاف النفوس والطماعين والطامحين والواهمين والغافلين والمنسلخين والمقلدين والقنوات الماجورة ومواقع التواصل لن يتاخروا في استخدامه ، وكل ذلك من اجل طمس تاثير الأسلام والتثبت من عدم عودته الى نفوس الرجال وامهاتهم وزوجاتهم ، فيعود اليهم غفلة عقبة بن نافع جديد او طارق بن زياد جديد او صلاح الدين جديد او محمد الفاتح من جديد ، ولكن ألأمور ستسير كما لايشتهون ﴿واللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾والحمد لله رب العالمين

أحدث المقالات

أحدث المقالات