19 ديسمبر، 2024 4:49 ص

لماذا يحمون انفسهم وينسون المواطنين ؟

لماذا يحمون انفسهم وينسون المواطنين ؟

-1-
العظماء الحقيقيون من البشر لا يحفلون بكل المظاهر الزائفة ، ولا يستسيغون أنْ يمشي وراءهم الماشون من الناس ، إشفاقا على الماشين من الهوان، ونأياً بأنفسهم عن الاستعلاء …، وعن كل الأمراض الأخلاقية والنفسية …

-2-

مَنْ قال :

إنّ العظمة تنبع من خارج الذات ؟

إنَّها تنطلق بالأساس من ” الذات ” التي تستجمع سمات السمّو والتألق والانسانية، والإحساس برقابة الله الخفيّة في كلّ الحالات ، ولا تنطوي الاّ على أفضل النيّات …

-3-

يقول احد الكتاب :

” خرج أمير المؤمنين على (ع) من مسجد الكوفة فتبعه المصلّون فالتفت اليهم في بعض الطريق وقال :

أيكم حاجة ؟

قالوا :

لا

قال :

من لم تكن به حاجة فلينصرف ، فانّ خَفْقَ النعال أعقاب الرجال مفسدةٌ للقلوب ، تفسد قلوب الأتباع بالمذلة والهوان ، وتفسد قلوب المتبوعين بالانانية والكبرياء “

بأبي أنتَ ياسيد الأوصياء :

كم كنتَ حريصاً على الكرامة الانسانية من أنْ تُمسّ بذرة من الهوان …

وكم كنت حريصاً على التخلص من كلّ الشوائب التي تعلق بالقلب وتحرف مساراته الفطرية الصافية .

هكذا كنتَ

وهكذا يجب أنْ نكون

ألستَ القائل :

( ألا وانّ لكل مأمومٍ إماماً يقتدي به ويستضيء بنور علمه ..)

-4-

والمسألة التي كثر فيها الضجيج هذه الايام، هي مسألة الأعداد الضخمة لحمايات المسؤولين، والتي قدّرتْ بعضُ المصادر كلفتها السنوية ب 6 مليارات دولار ..!!

-5-

واذا كانت الظروف الأمنية تُلزم بضرورة مرافقة الحرّاس لكبار المسؤولين فانّ ( الضرورات تُقّدر بقدرها ) – كما يقولون –

فمما لا شك فيه انَّ الارقام المتداولة (لحمايات المسؤولين) تنطوي على زيادة مفرطة لا مبرر لها على الاطلاق ، ولا سيما في ظل الاوضاع المالية الراهنة، بعد أنْ انخفضت أسعار النفط من جانب، وزادت تكاليف المواجهة الساخنة للاوباش من داعش من جانب اخر .

-6-

ان المبالغة في اصطناع الحرّاس والحمايات، تُوحي للمواطنين أنَّ المسؤولين لا يهتمون الاّ بانفسهم، بدليل وجود هذه الأعداد الضخمة من الحمايات والمصفحات والمدرعات ..!!

أمّا (المواطن) فهو مكشوف الصدر والظهر، ومُتَهاوَنٌ بأمنِه وسلامتِه الى حد بعيد – ، وهذا الشعور السلبي عند المواطنين يعمّق الحواجز التي تفصل بينهم وبين المسؤولين ، ويؤدي بالتالي الى الحاق أضرار جسيمة بهم وبالعملية السياسية برمتها .

-7-

واذا كانت المنطقة الخضراء – التي تضم معظم المسؤولين – مُحصنةً غاية التحصين، ومع ذلك اتجهت أنظار السلطويين لتكثيف حماياتهم على النحو المذكور، فما بالُكَ بعامة المواطنين الذين لا يملكون اي لون من التحصين؟!

بل انها مفارقة محزنة ، لانَّ المسؤول ليس الا ” خادماً ” للمواطنين، ولا يجوز ان يستأثر بالمكاسب والامتيازات على حسابهم .

[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات