نحن لا نقف بالضد من الخصخصة ، كما بينا شخصيا من خلال العديد من ورقات عمل اصلاح قطاع الدولة الذي تم تقديمها الى مؤوسسات المجتمع المدني ، بل اكدنا على انه هو باب الخلاص لتطوير الدولة والقضاء على الفساد المستشري ، لكن ليس في هذا الظرف الذي هو الاستثناء ، خوفا من سطوة المسؤولين واستيلاءهم على مقدرات كبيرة بابخس الاثمان اولا وثانيا تبييض اموالهم الناجمة عن سرقة المال العام وبذلك تضيع على الشعب عاجلا ام اجلا استعادة تلك الاموال ، اما في الوقت الحاضر وكاجراء يجب اتخاذه لمعالجة الوضع المالي لابد من قيام لجنة من التكنوقراط وضمن توجه عام ياخذ بالحساب مصالح الشعب بالدرجة الاساس ، تتم من خلالها دراسة جميع مؤوسسات الدولة الخدمية والانتاجية ومدى اهمية كل واحدة وما تمثله من وزن سيادي واجتماعي واعتباري ، اضافة الى الجدوى الاقتصادية للمدى البعيد وليس للمتطلبات الانية التي فرضها الوضع المالي الصعب ، وان تتم الخصخة او التعشيق مع القطاع الخاص بعيد عن نفوذ السياسيين وتحت اشراف مجتمعي واسع والتاكد من اصول الاموال المساهمة وان تكون على اقل تقدير موثوقة المصدر لما يزيد عن عشرين سنة مثلا وعلى ان يكون المتقدم اصلا من المهنيين او اصحاب الخبرة لكي يتم التطوير لا الاستحواذ ، ويفضل بالاساس الاستثمار الاجنبي قبل العربي والمحلي لان في ذلك خطوة نحو التحديث، اما المؤوسسات التي يتم تصفيتها فلابد من اجراء خطوات من اجل زيادة في قيم اصولها ربما من خلال دعم قليل لكي ترتفع اسهمها ، كل هذه الاجراءات وغيرها التي ربما تتبلور لاحقا عند المباشرة بالامر ، كي نتحاشى لاحقا لحظة الندم ،
نعود الى موضوع الخطوط الجوية العراقية ، ففي نظرة خاطفة الى الدول الاقليمية فضلا عن الدول الاخرى التي سبقتنا في التنمية بالاعتماد اساساعلى الاستثمار المحلي والخارجي ، لوجدنا انها لم تفرط بقطاع الطيران ، لكونه يمثل جانبا سياديا اولا ، ولانه مصدر تحفيز لتنمية قطاعات اخرى كالسياحة التي تعتبر في بلادنا من القطاعات الواعدة جدا والتي للاسف لم يتم تحفيزها لغاية الان رغم الامكانيات الكامنة والهائلة والتي يمكن تنميتها عبر الاستثمار الاجنبي الذي يعي جيدا ربما اكثر من المعنيين هنا ماهية خارطة العراق السياحية اضافة الى قطاعات اخرى ، فمثلا الاماراتبة المملوكة لامارة دبي التي تعد اكبر شركة طيران في الشرق الاوسط والافضل عربيا ومن ضمن العشرة الافضل في العالم ، رغم وجود شركة اماراتية اخرى هي الاتحاد التي لا تقل عنها رصانة ، والتي لم يمضي على تأسيسها الكثير لكنها استطاعت ان تجد لها موقعا مرموقا دوليا نتيجة سعي امارة دبي الى جعل مطاراتها محورية في النقل الجوي العالمي ومن اجل هذا راحت تعمل جاهدة على خلق شركات طيران نموذجية استطاعت خلال سنوات لا تتجاوز عدد اصابع اليدين لان تصنف عالميا واحدة من افضل الشركات الناقلة جوا ، حيث ان معايير التصنيف تعتمد على تقييمات خاصة براحة المقاعد ,أساليب الترفيه على متن الطائرة, النظافة, حالة المقصورة, نوعية الوجبات التى تقدم و كفاءة الخدمة. (هنالك مؤوسسة دولية هي سكاى تراكس الشهيرة المسؤولة عن التقييم والتي يؤخذ بتوصياتها في تقييم شركات الخطوط الدولية)، وقد كانت عائدات خطوط الامارات المالية في العام الماضي 24,4 مليار دولار اميركي ، منها صافي ارباح تقدر 1,2 ملياردولار اميركي (المصدر تلفزيون RT ) ، واحتلت القطرية المملوكة للدولة المركز الثاني عربيا وهي ايضا حديثة التأسيس وذكرهما هنا فقط للتأكيد على ان الارادة الحازمة للتطوير كفيلة بعمل المستحيل ، وحري بشركة مثل العراقية تمتلك ارثا كبيرا، وامكانية بشرية فنية ، مع ذهاب النظام المركزي الذي يتدخل في ادق التفاصيل ولا يترك الحرية للمهنيين في اتخاذ القرار ، حري بيها بعد التغيير لان تعتلي موقعا عالميا مهما سيما وهي معروفة في تلك الاوساط ، وقد اشرنا في ورقة عمل تطوير قطاع النقل مقدمة الى المؤوسسة الوطنية للتنمية والتطوير ، احجى مؤوسسات المجتمع المدني الى امكانية جعلها قطبا محوريا في خدمات الصيانة الدولية أيضا ، اضافة الى توسيع اسطولها لتكون موافقة لارثها الطويل ، وبذلك تقتنص الدولة فرصة ذهبية لتطوير هذا المرفق ، لكن للاسف يتم تدميره بشكل ممنهج للوصول الى غايات بانت الان واضحة وهي بيعها بسعر التراب كما يقول المثل الشعبي ، لجهات قريبة من هذا السياسي او ذاك الحزب ، مستغلين ضبابية الوضع الراهن ، وغياب المحاسبة ، وفاتني ان اذكر انه ومن اجل تمرير ما يرغبه الوزير ، لذلك يحاول كل وزير ان ينتدب مديرا عاما مطيع لتنفيذ رغباته ، ( بالمناسبة وزارة النقل فيها 4 او اكثر من التشكيلات تدار بالوكالة من قبل مدراء عامين لشركات اخرى ، اي امتيازات شركتين لشخص واحد ، وحسب اعتقادي ان الاعتكاز على التوازن وعدم تنسيب مدير عام وكالة من التشكيل نفسه عمل لا يكاد ان يكون بريئا ).
من المهازل الاخرى في التحايل لتوظيف القطاع العام للمصالح الشخصية تحت مسميات التشغيل المشترك او الاستثمار ، حيث تلجأ بعض الوزارات ومنها وزارة النقل عبر بعض متنفذيها من الوزراء ووكلاء الوزارة ، عند حاجتهم الى استنباط باب للسرقة ، يعملون على تطويع بعض اعمال شركات الوزارة وبحجة التشغيل المشترك او الاستثمار ( حيث لغاية الان لا توجد ضوابط تشغيل مشترك غير تلك التي استنبطتها وزارة الصناعة في ظل وزراء فاسدون وهي لا تعدو اكثر من شروط خالية من الضوابط والشروط التي تحفظللدولة والقطاع الخاص اصولهما المالية وبنفس الوقت تؤدي عملا ينفع الجمهور ) وكمثال على ذلك ، قيام وزير النقل السابق باقر صولاغ بالغاء عمل شركة نقل المسافرين في نقل المسافرين والتي حصر فيها مهمة توصيل المسافرين من ساحة فرناس بن عباس الى المطار ( رغم ان مثل هذه المهمة تتعارض مع النتهج الجديد للدولة ومغادرة صيغة النظام الشمولي الذي يتسيده القطاع العام وفسح المجال امام القطاع الخاص للمنافسة وبشروط اولها الامن كان الاجدر ، ومن المعيب ان تنزل الدولة بهيبتها لان تكون سائق تكسي وتهمل الانتاج الصناعي والزراعي ، انها افكار لا تنم عن انفتاح بل تؤشر ان من تولى المسؤولية لا يمكنه الابداع وانه يرى في النظام السابقنموذجا يحتذى فيه) ، ولاسباب ظاهرها كما تعودنا من هؤلاء المسؤولين الحرص على المال وباطنها امر اخر ، امر بتأسيس شركة تاكسي بغداد لكي يتقاسم القطاع الخاص مع الوزارة الواردات ، في حين كانت نقل المسافرين صافي اموالها الى الدولة فقط مع ان اسطول سيارات نقل الركاب حديث جدا ويفي بالغرض وهو الان مجهول المصير،،
لا نعرف لماذا هذه الازدواجية في المعايير ، ولِمَ تغيب حسابات مصلحة البلد والناس وتطفح المصالح الخاصة ، حتى بتنا نحسب ان بعض المسؤولين جاءوا للتخريب وليس للبناء ، والادهى من ذلك ان تطالعنا المواقع الاخبارية الالكترونية بفيض من مقالات المدح لشخص وزير النقل على مدى الشهرين الماضيين ، وهي مقالات انشائية عمومية لم تقدم دليلا واحدا يؤيد مدحهم ، بل ان بعضهم غير مقتنع فيما يكتب كما يظهر من عدم اهتمامه بالعبارات المكتوبة او يكلف نفسه بتعزيز المكتوب بمنجزات حتى وان كانت واهنة ، ولجوء شخص الوزير الى الاعلام وتسخير الاقلام التي لا تجيد مفردات اللغة اصلا للدفاع عن نفسه هو اعتراف ضمني من حيث لا يدري لأرتكابه ما هو منافي لمباديء المسؤولية الملقاة على عاتقه .
وعن اداء الوزارة بكل تشكيلاتها فقد اصابه الوهن منذ عام 2003 ، حيث لم يكن لأي من الذين استوزروا المهنية التي تجعلهم قادرين على انجاح مهمتهم ، أو الارادة الجادة ان لم يكن مختصا ، في أظهار رغبة حقيقية واضحة المعالم لمسها منتسبوا الوزارة قبل المواطن من خلال دعوت ايا من هؤلاء للمختصين من الوزارة او من خارج الوزارة ومناقشة الوضع الراهن ووضع الحلول الممكنة في تجاوز محنتها الحالية والمتمثلة في انخفاض عمل تشكيلاتها وسبل النهوض بها وتدارس خطط الارتقاء بعملها لما لها من اهمية فائقة في الحرب والسلم ، فلا أدارة النقل الخاص التي يفترض من وجدوها ان تعني بتنظيم النقل الداخلي بدلا من هذه الفوضى التي كانت احد الاسباب التي استغلتها المجموعات الارهابية في تفجيراتها الكثيرة والتي اودت بحياة الالاف من الابرياء ، وبذلك تتحمل هذه الادارة جزء من وزر هذه الاعمال ، لانها تخلت تماما عن التنظيم وحولت مهمتها الى تنفيذ وبشكل سريع تسقيف الكراجات المقامة سابقا، والمضحك انها كانت تشترط ان تكون الشركات اجنبية ، مع انها اعمال معتادة لا تحتاج الى تكنلوجيا غير معروفة في العراق ، وهذه الشركات في اغلبها تم تأسيسها من قبل عراقيين في الخارج ؟؟؟؟ ، ولا نعرف اية جهة اباحت ذلك واين دور المفتش العام في ذلك الامر ، والكرجات التي انجزت بعضها صار ملعبا للاطفال او مأوى لعربات الدفع اليدوية او للكلاب السائبة ،
[email protected]