22 نوفمبر، 2024 6:12 م
Search
Close this search box.

لماذا يا مجلس القضاء

لماذا يا مجلس القضاء

في خبر مؤسف ورد قبل يومين، عطل مجلس القضاء الاعلى العراقي العمل ببعض مواد الدستور العراقي حيث منح المجلس السلطة التنفيذية المتمثلة بالحكومة المثيرة للجدل بتصرفاتها، صلاحية استعمال الاحكام العرفية دون ذكر ذلك صراحةً.

تعد هذه الخطوة التفافاً على الفقرة تاسعا من المادة 61 من الدستور العراقي، التي توضح كيفية اعلان حالة الطواريء التي تجيز السماح بالاعتقال دون وجود مذكرات قضائية و تمنح الحكومة الضوء الاخضر باستخدام صلاحيات استثنائية .

حالة الطواريء هذه يمنع الدستور العراقي اعلانها الا من خلال البرلمان و بأغلبية الثلثين، و بناءاً على طلب مشترك من رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الوزراء.

لكن القضاء منح يوم، الثلاثاء 5 تشرين الثاني 2019 ، السلطات الأمنية و كل المواطنين حق اعتقال المشاركين في قطع الطرق وتعطيل الدوام الرسمي دون أوامر قبض قضائية، و اعتبر المجلس عمليات التعبيرعن الرأي التي يجيزها الدستور بكل الوسائل، في اكثر من مادة تحت باب الحقوق و الحريات جرائم إرهابية!
و كان التكييف القانوني لهذا القرار استنادا الى المادة (102) من قانون اصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 التي تجيز لكل شخص ولو بغير امر من السلطات المختصة ان يقبض على أي متهم بجناية او جنحة  اذا ارتكب جريمة مشهودة ثم حاول مجلس القضاء تعريف الاعتصامات و التظاهرات على انها جرائم كبرى مذكورة في قانون مكافحة الارهاب الصادر في زمن الحكم الانتقالي عام 2005 .

كنا نتوقع من القضاة ، و هم يمثلون آخر معقل يلوذ به المواطنون في كل دول العالم ، الا يقدموا هذا الدعم لدولة مازالت قواتها الامنية تجهل ابسط قواعد الاشتباك كما اصبح واضحا لكل العالم خلال الاسابيع المنصرمة من اعداد الضحايا الذين فقدوا ارواحهم أو اصيبوا بجروح.
الجرائم المشهودة التي ترتكبها الاجهزة الامنية من خلال عمليات القنص و القتل الممنهج و الاختطاف و التغييب و القبض على الناشطين بدون اوامر قضائية و ضربهم و تهديدهم و اجبارهم على توقيع تعهدات تلغي حقوقهم الدستورية و غيرها من المخالفات الشنيعة لم تحفز السلطة القضائية لاعلان موقف واضح منها لحد الان مما خيب أمال الشعب بها.
نحن في الاسبوع الخامس من الاحتجاجات التي جوبهت بقسوة منقطعة النظير و لم نسمع على سبيل المثال ان الحكومة التي تحالف القضاء معها بهذا القرار قد قدمت شخصا واحدا من القناصين او من استخدموا القوة المفرطة ضد المتظاهرين العزل الى العدالة، فهل يعقل أن يصدرهذا القرار الأن؟
ان اعطاء الصلاحية لكل المواطنين بمحاسبة و اعتقال غيرهم من المواطنين بناء على هذا القرار يعني التهيئة لحرب اهلية سيدخل البلد بعدها في السيناريو السوري لا سمح الله.

هل أن ابناء الشعب العزل الا من ضميرهم ارهابيون؟ هل يعقل هذا الكلام؟ هل تخلت السلطة القضائية عن ابناء الشعب لتصطف مع الحكومة الفاسدة التي يتبجح الكثير من افرادها بفسادهم و مخالفاتهم علنا تحت ابصار القضاء الذي تحدد عمله توازنات سياسية منذ سنوات؟
لقد اثبت المتظاهرون و المحتجون ألتزامهم بالقانون و العملية الدستورية منذ البداية و لحد الان، نطمح ان يفعل القضاء ذلك حتى لا يخرج الشارع عن السيطرة بعد ان يفقد الناس ثقتهم بالعملية الدستورية و القانونبسبب هذا القرار.
حياد القضاء هو اقل موقف يمكن لمجلس القضاء مؤازرة الحق به و يتوجب فورا الغاء هذا القرار لتقليل الاحتقان و حماية البلد من الانزلاق الى عنف أكثر لا يوجد ما يبرره                                                                                      

أحدث المقالات