أقرا مقالة بعنوان لماذا تمكنت كوريا الشمالية من إمتلاك السلاح النووي وعجز عن ذلك العراق وليبيا؟!!
وخلاصتها أن العراق وليبيا أبخسوا العلماء وأهانوهم وما وثقوا بهم ولا عززوهم وكرموهم , وما إعتمدوا عليهم وآمنوا بقدراتهم العلمية والإبتكارية , وإنما إعتمدوا على الخارج أو الآخرين الذين خدعوهم وضللوهم وأخذوا أموالهم وأفشلوا مشاريعهم , في حين أن الإعتماد على العلماء العراقيين كان من الممكن أن يؤدي إلى إمتلاك السلاح النووي بسرعة قياسية.
ويبدو أن الهمجية والعقلية القبلية الصحراوية العسكرية الكونكريتية هي التي أسهمت بالفشل والإنهيار.
أما كوريا الشمالية فأنها أعزت علماءها وأكرمتهم وآمنت بهم وبالعلم الذي به يجدّون ويجتهدون حتى إستطاعوا أن يمتلكوا إرادتهم وينجزوا أهدافهم.
ويحضرني من التأريخ في هذا الصدد أن اليابان وإحدى الدول في منطقتنا قد أرسلتا بعثات علمية إلى الدول الأوربية في القرن التاسع عشر للدراسة والإجابة على سؤال لماذا تقدمت دولهم وتعززت ثوراتهم الصناعية.
وقد عاد الطلبة إلى بلدانهم بعد الدراسة وكان الجواب واحدا ويتعلق بالتعليم ومناهجه وبالإيمان بالعلم وحرية العقل والتفكير , فإستجاب إمبراطور اليابان لمقترحات الطلبة المبعوثين , وملك الدولة العربية أو حاكمها إستشار ذوي العمائم واللحى فوقفوا ضد الدعوة للعلم وحرية التفكير , وإعتبروا ما يريدونه بدعة وضلالا ولا يجوز العمل به , فأذعن الحاكم العربي لإرادة المعممين وأنكر مشروع الطلبة العائدين , فحققت اليابان وجودها المعاصر وتقهقر العرب قرونا إلى ما وراء الوراء.
والخلاصة أن مجتمعاتنا تعيش أمية علمية , وتهيمن عليها إرادة العمامة وتتسلط عليها اللحى المؤدلجة المتاجرة بالدين , فهؤلاء يعادون العلم وحرية التفكير وإعمال العقل , لأنهما يتقاطعان ومصالحهما التي تؤمن بالتبعية وعدم التفكير , والإيمان بأن البشر قطيع وهم قادته ورعاته والمالكين لمصيره , ولا يجوز لأحد في القطيع أن يتفوه برأي أو يؤمن بعقل , وإنما عليهم أن يسمعوا ويطيعوا ويخنعوا ويتبعوا , وبهذا تتأمن أرزاق تجار الدين من الدجالين والكذابين والمرائين ووعاظ السلاطين الأشقياء.
وهذا ملخص حكاية أن تكون الأمم والشعوب أو لا تكون , فالعلم هو الفيصل الحاسم في ميدان الصيرورات المعاصرة , ومَن ينكر العلم , عليه أن يحصد مآلات جهله وأميته وغبائه المكاني والزماني المهين.