كل شيءغريب في بلادي وكل شيء عجيب فيها فكل الشعوب في العالم عندما تفرح لشيء ما فإنها تقوم بتوزيع الحلوى وتبادل التهاني والتبريكات ونحن عندما نفرح لأبسط الامور كأن يكون الفوز بمباراة كرة القدم فإننا نقوم بإطلاق العيارات النارية فتقتل الابرياء ويتحول الفرح الى حزن فهذه معالم الفرح في بلادنا كذلك فان في كل دول العالم هناك اختلافات في الرأي وفي العقيدة وفي امور كثيرة الا عندنا فان الاختلاف بيننا يؤدي الى ذبح الناس كالأضاحي وحرقهم والتمثيل بهم وتفجيرهم بالجملة فهكذا الاختلاف في بلادنا كذلك من الامور التي نختلف فيها عن بقية شعوب العالم هو موضوع الحكم وتولي المناصب عندنا خصوصا منصب رئاسة الوزراء فكل دول العالم والتي تتبنى النظام البرلماني في ادارة شؤونها هناك دورة برلمانية وهناك فترة رئاسية يكملها الشخص وهي في اغلب الاحيان تكون اربع سنوات وبعدها يختار الشخص اما ان يرشح مرة ثانية او ان البرلمان يجدد له مرة ثانية وهكذا واما عندنا فتختلف الصورة فعندما تولى رئيس الوزراء الحالي ادارة الحكومة وعلى الرغم انه لم يوفق في ادارته الا انه بالمصطلح العراقي (لزك بالسالفة) وصرح بانه (ما ينطيها) وتم تجديد الثقة به لولاية ثانية ولكن الامر لم ينته عند هذا الحد فالرجل يطمح بولاية ثالثة ورابعة وهكذا واما الغريب والعجيب في الموضوع هو تعاطي مجلس النواب مع هذه الحادثة (اي اللزكة بالكرسي) فترى كثير من النواب يصرحون بمؤتمرات اعلامية عن رفضهم لتجديد الولاية لمرة ثالثة بل والى الاكثر من ذلك فقد ذهب البرلمان وبأعضائه ورئاسته الى تشريع قانون يحدد مدة رئاسة الوزراء بعد ان اغفلها الدستور وفعلا تم التصويت وصدر القانون الا انه تم نقضه من المحكمة الاتحادية يوم امس وبذلك نتج عن ذلك عدة امور منها :
1. ضياع هيبة البرلمان بحيث ان الشعب العراقي سيتولد لديه تصور بان القرارات التي تصدر من المجلس غير محكمة وبالإمكان نقضها والالتفاف عليها .
2. سيفتح الباب لكل جهة تعتبر نفسها قد تضررت من قرارات مجلس النواب وتبحث عن ثغرة فيه وتذهب للطعن في المحكمة الاتحادية .
3. هناك تصور ساذج عند نسبة كبيرة من الشعب ان هناك تنافسا او استعداء بين الحكومة والبرلمان وبذلك سيعتبرون ان هذا نصرا لرئيس الوزراء .
4. ان هذا الامر سيفقد الثقة بالقضاء وسيجعل نسبة كبيرة من الشعب يشكك به خصوصا اذا كان رافضا لفكرة التجديد .
5. في حدود تصوري ان قرار المحكمة سيعطي زخما وقوة لرئيس الوزراء اكثر مما هو عليه الان .
اما ما اردت ان ابينه في هذه المقال او الغرابة التي تكتنف الموضوع بحد ذاته هو هذه الضجة المفتعلة حول تجديد الولاية لمرات متعددة والتي يقال خطأً ان الدستور تغافل عنها ولم يشر اليها بينما حدد ولاية رئيس الجمهورية وانا اعتقد ان الامر ليس بهذه الصورة كما يتصور فالدستور حدد مدة رئاسة الجمهورية على اعتبار انه منصب اشبه بالفخري وقليل التماس مع الاحداث ولايكون بمحك مع الشعب من ناحية الخدمات والامن وغيرها لذلك فالدستور حدد ولايته حتى يسد الثغرات امام ان يتولى شخص للمنصب لمرات عديدة واما الحال مع رئاسة الوزراء فالأمر يختلف جملة وتفصيلا لان رئيس الحكومة يكون بتماس مباشر مع الشعب ومع كل مايعانيهفهو يلتقي بالوزراء اسبوعيا إن لم نقل يوميا وهو…وهو… لذك فهو بمحط اختبار وتقييم يومي ولذا فمن النادر ان يعاد انتخابه وتجديد الولاية له اذا كان فاشلا وغير قادر على ادارة البلاد والعباد واما اذا كان نشطا وناجحا فمالمشكلة في تجديد ولايته لسنوات عديدة كما حصل مع مارغريت تاتشررئيسة وزراء بريطانيا حيث تولت المنصب من سنة 1979 الى 1990 فاذاكان رئيس الوزراء الحالي له القدرة على ان ينتخبه الشعب بقائمته ويحصل على نسبة كبيرة من الاصوات بحيث يتاح له الحصول على الاغلبية اذن لن تبقى حجة امام مجلس النواب في رفضه وان الامر لايحتاج الى تشريع قانون لتحديد الولايات حيث ان الموضوع برمته يلقى على عاتق الشعب اولا والبرلمان ثانيا ولا داعي لهذه الضجة غير المبررة ولندع الامور تسير بالأمور الطبيعية فاذا كان قدر الشعب العراقي واستحقاقه ان يحكمه شخص كرئيس الوزراء الحالي فلا اعتقد ان احدا يمكن ان يغير ذلك الا الشعب نفسه فالله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم .