نستعرض الان الخيارات المطروحة امام أحزاب المكون السني، والتي يمكن اعتبارها من الناحية الاستراتيجية مهمة، كون ان هذه الدورة الانتخابية تمتاز بمقاطعة مكون مهم واساسي في المكون الشيعي ألا وهو التيار الوطني الشيعي والقاعدة الشعبية لاتباع السيد الشهيد الصدر (رض) .
تعتقد وتؤمن هذه الكتل ان هذه فرصة لاثبات هيمنة الأحزاب والكتل السنية على الساحة السياسية في العراق، وكذا التشريعية، وهذا امر يجب مناقشته باستعراض اهم الاطاريح الممكنة والتي تثبت عدم حقيقة هذا الاعتقاد، وسنعرضها لاحقا في ختام هذه الحلقة من هذا البحث.
نعم تعتقد هذه الأحزاب وتثقف جماهيرها على هذا الاعتقاد، ويمكن القول ان الاطار التنسيقي استفاد واستغل هذا الاعتقاد ليشيع في الأجواء عدة (أحلام) و (خدع) و (حيل) يحاول بها استمالة القاعدة الجماهيرية التي ستقاطع الانتخابات ، ومنها:
1. التيار الصدري سيسمح بعودة البعث.
2. السيد الصدر يريد تسليم الحكم للسنة.
3. الصدريون لديهم اجندة خارجية.
4. في حال تسلم السنة سيعود اضطهاد الشيعة وتهديم الاضرحة ومنع الزيارات وغيرها من الخدع والحيل والكذب، وسنرد عليها لاحقا.
أقول ان خيارات أحزاب الكتل السنية تتركز على :
1. توحيد الجبهات السنية في جبهة واحدة، واذا لم يكن ممكن، فتكون هناك جبهتان تعمل كل واحدة ضمن مناطق محددة لضمان جذب الأصوات وحسب اهواء الناخبين.
2. التحدي الأكبر سيكون في بغداد، فلذا دخول الرؤوس الكبيرة لو صح التعبير في سباق المقاعد في بغداد، يدل على المنافسة ستكون في بغداد، الكتلة او الحزب الذي يسيطر على مقاعد بغداد سيكون ذو اليد الطولى في مفاوضات تشكيل الحكومة وبالتالي توزيع المناصب (تقاسم الكعكة).
3. هنالك معطيات ترجح زيادة مشاركة الناخبين من المكون السني وبكثافة وبالأخص في المناطق الغربية، لعدة اسباب منها :
أ. عودة المقاتلين الى مناطق سكناهم (من الذين كانوا يقاتلون في سوريا مع عوائلهم، وغض الطرف عنهم من قبل الحكومة وباتفاق مسبق، والذي يشكلون مع عوائلهم وعشائرهم ثقلا لا يستهان به.
ب. قانون العفو العام، الذي أدى الى خروج الألوف من المكون السنية من السجون رغم انهم ارتكبوا جرائم ضد القوات العراقية وأبناء الشعب العراقي عموما، غير ان وعود قادة الأحزاب بعودة هؤلاء وإصدار قانون العفو اعطى زخما قوية لمصداقية هذه الأحزاب مع قواعدها الامر الذي يؤدي الى خروج الناخبين بقوة وعزيمة لمناصرة هذه الكتل والأحزاب.
ج. انهيار حكم الأسد في سوريا كان دافعا قوية لدى العقل الباطن لبعض أبناء المكون السني بإمكانية انهيار هذا الحكم وعودة الحكم الى القيادة السنية، وهي فكرة زرعها الاعلام والدعاية (قطر+تركيا) – نعم ولدينا الأدلة على ذلك وسنعرضها عند الوقت المناسب.
4. تحتاج الكتل والأحزاب السنية الى استخدام شعار (القائد) و (المخلص) ، وهنا تم تهيئة عدة شخصيات (الحلبوسي، الخنجر، العلواني، طارق الهاشمي)، غير انه ولف=غاية لم تتم المصادقة على أي فرد منهم ، بانتظار اتفاق (قطري+ تركي) عليه.
وهنا نعود الى دحض الادعاء الذي سبق واشرنا اليه، ومفاده ان الصدريين هم السبب في ذهاب الحكم للسنة وغيرها من الأكاذيب والفريات.
الامر الأول. ينظر الصدريون الى الحكم على انه وسيلة وليس غاية، الاخرين ينظرون للحكم غاية ، وهنا جوهر الاختلاف، فانهم يؤكدون على الانتخابات ليس من حيث تقديم الخدمات للمواطنين، بل (الكرسي، الولاية الثانية).
الامر الثاني. يتمسك الصدريون بمبدئ (لاشرقية ولا غربية) الذي اطلقه الامام الصدر الأول (محمد باقر الصدر – رض-)، فلا ينتمي الصدر الى أي معادلة غربية او شرقية، على عكس جميع الأحزاب والكتل، فانهم جميعا يعملون وفق اجندة خارجية، (وثيقة مؤتمر لندن 1996 موجودة وبتوقيع الصف الأول من الأحزاب وهي تثبت تبعية جميع الأحزاب (شيعية وسنية وكردية) .
الامر الثالث. الجميع يشهد ومنذ تسعينات القرن الماضي ان اتباع الشهيدين الصدرين على النقيض من حزب البعث الكافر، و لاتزال مقولة باقر الصدر شاخصة في الاذهان (لو كان اصبعي بعثيا لقطعته)، فيا أيها الفاسدون تحدثوا بالمنطق لقد صرتم سخرية القاصي والداني.
اعتذر عن الاختصار لانه لو استرسلت في الحديث سأكشف الكثير من الأمور التي من المستحسن ان تظهر في وقتها.