22 نوفمبر، 2024 7:17 ص
Search
Close this search box.

لماذا نريد تعليماً عالياً على غرار الجامعات الامريكية والغربية؟

لماذا نريد تعليماً عالياً على غرار الجامعات الامريكية والغربية؟

هذا المقال يعتبر محاولة لتقديم تفصيل بسيط لافضل الجامعات الامريكية في مجالات التعليم والبحث العلمي، وبيان اسباب تقدمها وتميزها لكي تكون امثلة تساعدنا في تطوير تعليمنا العالي كمؤسسات يتوافر لديها فلسفة اجتماعية ومنهجية علمية وخطط واضحة تحدد معالم وطرائق العمل في مجالات خدمة المجتمع وتجهيز سوق العمل بما يحتاجه من خبرات وكفاءات. وقبل ان ادخل صلب الموضوع احب ان احذر من دعوة اي جامعة امريكية لمجرد انها امريكية، فالتجارب الحديثة لوجود الجامعات الامريكية في المنطقة لا تمنحنا ثقة بانها ستقدم ما هو افضل مما تقدمه الجامعات العربية، وبالتحديد لا الجامعات الامريكية في قطر والخليج، ولا في السليمانية استطاعت ان تصل الى مصاف الجامعة الامريكية في بيروت او الى تلك التي في بلدها، ولهذا اسباب عديدة قد اعود لها في المستقبل.

تعتبر الولايات المتحدة اكبر دولة للتعليم العالي ولربما افضل دولة في نوعية التعليم. توجد فيها حوالي 4000 مؤسسة تعليم عالي تضم اكثر من 17 مليون طالب و41% من هذه المؤسسات تمثل كليات مجتمعية تدرس لمدة سنتين و20% تمثل نسبة الكليات الاولية، ولا تمثل المؤسسات الجامعية التي تمنح شهادة البكلوريوس الا 18% من هذا المجموع منها 15% تمنح شهادة الماجستير و6% فقط تمنح شهادة الدكتوراه ونصف هذه الجامعات (3%) يطلق عليها بالجامعات ذات القاعدة البحثية.

تتميز الجامعات الامريكية باختلاف المهمات فيما بينها، فعلى سبيل المثال تعتبر جامعة ييل (Yale) وهي من افضل الجامعات في العالم ان مهمتها اولا هو تخريج قادة للولايات المتحدة وللعالم، وثانيا تطوير ونشر والحفاظ على المعرفة والثقافة المجتمعية (Culture) . استطاعت ييل ان تخرج 530 عضو كونغرس بضمنهم الرؤساء بوش الاب وفورد وكلنتن وبوش الابن وهي بهذا تكون قد نفذت مهمتها الاولى. اما المهمة الثانية فيبدو ان نشر المعرفة ينطبق على معظم مؤسسات التعليم العالي في الولايات المتحدة الا ان المحافظة على المعرفة والثقافة وتطويرهما فلا يشاركها في هذه المهمة الا 1% من هذه المؤسسات.

المثال الثاني على الجامعات المتميزة في امريكا هو معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا (كالتك) (California Institute of Technology) ومهمته هي توسيع نطاق المعرفة وافادة المجتمع من خلال اجراء البحوث المتكاملة والتعليم. كالتك ليس بجامعة وانما معهد صغير يدرّس فيه حوالي 400 مدرس وفيه 2000 طالب لكلا الدراسات الاولية والعليا، ومع ذلك فان المعهد يفتخر بحصول علمائه على 31 جائزة نوبل، ممثلا بذلك اعلى مساهمة لاغناء المعرفة من قبل اية مؤسسة بنفس الحجم . ويتميز المعهد بمواضيع محددة هي الطيران والفضاء وعلوم الحياة والفيزياء. كالتك يمكن ان يكون مثالا نحتذي به لانشاء مؤسسة جامعية تهتم بمواضيع رائدة كالمياه، وبيولوجيا النخيل، والنفط، وتضم خيرة من العلماء في هذه المجالات يهتمون بالبحوث العالمية الرائدة ويندمجون بالعلم العالمي وبمؤسساته.

اما جامعة هارفرد (Harvard) فتعتبر من اعرق وافضل جامعات العالم الا انها لاتضم الا حوالي 6500 طالب ويعتبر برنامجا الطب والتجارة من احسن البرامج المماثلة في الجامعات الامريكية. تخرج من هارفرد 8 رؤساء امريكيين بضمنهم روزفلت وكندي، وفيها عمل أو يعمل حاليا 48 عالم من الحاصلين على جائزة نوبل. قوة هارفرد الاساسية تكمن في قدراتها المادية فهي تمتلك اكبر الاوقاف المالية في العالم. اما غاية الجامعة فهي ببساطة “انتاج المعرفة وفتح اذهان الطلاب على هذه المعرفة وتمكينهم من الاستفادة القصوى من الفرص التربوية” ، ولتحقيق هذه الغاية تقوم الجامعة بتشجيع الطلاب على احترام الرأي المغاير والافكار الجديدة وعلى التعبير الحر والتفكير النقدي والى السعي لتحقيق التفوق من خلال روحية عالية من التعاون المثمر، وتشجع طلابها على تحمل المسؤلية والمشاركة الجماعية واكتشاف قدراتهم وتطويرها، كل هذا من اجل تكوين اشخاص لهم قدرات الاكتشاف والقيادة والتحدي والتخليق.

الا يكفي هذا من مهمات لكي تترشح الجامعة بكل جدارة للتصدر؟ يتضح ان هدف جامعة هارفرد هو صناعة الانسان وليس مجرد تعليم الطلاب طب وهندسة وآداب وفنون كما تفعل معظم الجامعات. ما استذكره من زيارتي الاولى وفي مقتبل حياتي الاكاديمية لاستاذي المرحوم البروفسور فخري البزاز الذي كان يحتل كرسي التطور البيولوجي في جامعة هارفارد انه اخذني للاطلاع على قسمه واول ما فعل هو ان اراني مفتخرا بقيم واصول الجامعة مكاتب جوار مكتبه كان يعمل فيها بعض من الحاصلين على جوائز نوبل كجيمس واتسون، وتوماس ولر، وفرتز لبمان، وكونارد بلوخ. فكان ان انتابني شعور بالاعجاب بعضمة هؤلاء الذين هم من نتاج ثقافة البحث والتحري والاكتشاف، والتراث والاخلاق العلمية للجامعة، وليس كنتيجة لقابلياتهم العقلية فقط. على سبيل المثال لم يكن فرتز لبمان الا رجلا فاشلا بلا مستقبل قبل ان تشحذ هارفرد قابلياته ليتم له أكتشاف واحد من اهم الانزيمات في صناعة البروتينات.

المثال الاخير هو جامعة برنستن (Princeton) وهي الجامعة الاولى في الولايات المتحدة. في الوقت الحاضر لا يتعدى عدد طلبتها 7500 طالبا منهم حوالي 2500 يدرسون دراسات عليا. لا تمتلك الجامعة اي من اكثرالدراسات رغبة بها في الولايات المتحدة وهي الطب والقانون والتجارة، ومع ذلك فهي من افضل الجامعات في العالم، والسبب انها تتبنى نظام تعليمي من اكثر الانظمة صرامة وباستخدام موارد محدودة استطاعت من خلالها انتاج 25 من الحائزين على جائزة نوبل (17 منهم في الفيزياء) و 12 من الفائزين بجائزة فيلدز (والتي تعتبر جائزة نوبل في الرياضيات).

ومن هنا نرى ان مهمات الجامعات تختلف باختلاف تراكيبها ونشأتها واهدافها فنرى جامعة ييل تركز على مهمة انتاج قادة بينما تفضل كالتك ان يكون طلبتها من ذوي الارادات القوية والمثابرة الفائقة في حل المشاكل وتركز خاصة على أولئك الذين يتمتعون بمواهب موسيقية فذة.

من هذه الامثلة وغيرها ما يتوفر لنا حول نظام التعليم الجامعي في الولايات المتحدة، نرى ان الجامعات المختلفة لها مهمات مختلفة وبالتالي لها نظم تشغيلية مختلفة تتمتع بميزات فردية. الجامعات في العراق يجب عليها ان تتميز بعضها عن البعض الاخر في مهماتها وفي مواضيعها وان يكون لها خصوصيات كالجامعات الحرة لكي تستطيع ان تسّخر امكانياتها المحدودة لتحقيق اهداف قليلة توصلها الى مصاف الجامعات العالمية المتميزة. ليس لكل الجامعات ان تكون كما يقول المصريون “بتاع كلّو”، بل عليها ان تتعرف على امكانياتها وحاجة سوق العمل المحلي، واهتمامات اساتذتها وتوفر الاختصاصات العليا لكي تبني مشاريعها وتنتقي برامجها التعليمية والبحثية. الجامعات يجب ان تكون مراكز انتاج المعرفة ومراكز تعاون ومحبة بين منتسبيها يجمعهم هدف واحد وهو الرقي بجامعتهم لا يتصارعون بينهم لتحقيق اهدافهم الشخصية وانما يتصارعون مع منتسبي الجامعات الاخرى في سبيل مصلحة جامعتهم.

تتميز الجامعات الامريكية المتقدمة منها وعالية المستوى بخصائص قلما تتوفر للجامعات العراقية منها امتلاكها لموجودات ملموسة بما في ذلك المعدات والمختبرات الحديثة والمتطورة والشبكات الالكترونية والمرافق المكتبية وغيرها، ولها موارد بشرية غنية ذات مستويات عالية بما في ذلك اساتذتها وطلابها وموظفيها، وما الى ذلك. وللجامعات ثقافة اجتماعية مبنية على حب الاساتذة ومحبة الطلاب، ونظام اداري يعطي للاساتذة حق ادارة الجامعة بينما تمتع الجامعة بالاستقلالية الادارية والاكاديمية، وفيها تنمو وتزدهر الحريات الاكاديمية وحق التعبير وتمارس الادارة الديمقراطية بشكل بناء. في جامعتي يعتز رئيسها بمسؤليته امام اعضاء هيئة التدريس فيرسل رسالة اسبوعية الكترونية الى كل التدريسين والباحثين في الجامعة يشرح فيها عمله واخبار مكتبه خلال الاسبوع. بهذه الطريقة تكون الجامعة مركزا لرعاية الذكاء والاذكياء والموهوبين وهو شئ لا يمكن حدوثه الا عندما تكون الجامعة مركز محبة واخلاص وتفاني في العمل والبحث بحيث تكون كالمغناطيس لجذب الاساتذة والباحثين والطلاب الموهوبين. ولابد من الاعتراف هنا بأني عندما قررت الانتقال من جامعة برمنغهام في إنكلترا الى جامعة دبلن في جمهورية أيرلندا، كان المغناطيس هو العرض المغري والذي شمل التجهيزات المختبرية الراقية واموال البحث العلمي التي خصصت لي. هكذا تعمل الجامعات من اجل تبؤهها اعلى المراكز ومن اجل تفوقها العلمي.

والجامعة العالمية المتميزة لها ثقافتها وتراثها وهذه تتمثل في حرم الجامعة بشكل رئيسي في سعي الجامعة الى معرفة الحقيقة ضمن نهج صارم ودقيق وعلى ضوء الاخلاق العليا التي يفرضها البحث عن الحقيقة، فشعار جامعة هارفرد يتكون من كلمة واحدة: “الحقيقة”. البحث عن الحقيقة هي ثقافة الجامعة بالاضافة الى الدقة والانتظام فلا توجد للعشوائية والتخبط مجالا في سياسة الجامعة. وشعار جامعة ييل لا يختلف كثيرا فهو “النور والحقيقة” ، شعار يعكس طموح كل شاب وشابة في التقدم والتطور. اما شعار كالتك فهو “الحقيقة تمنحك الحرية” والذي لا اعتقد بوجود شعار اكثر صدقا وقوة منه في التعبير عن العلاقة الوثيقة بين البحث عن الحقيقة والحرية الاكاديمية. ومن الواضح ان الجامعات الامريكية لما كانت ان تتميز من دون اعطاء الحرية الاكاديمية مكانتها اللازمة داخل الجامعات. وليس هنا من تأكيد على اهمية الحريات الاكاديمية الا ان اعيد ذكر قول رئيس جامعة ستانفورد على سؤال لماذا أصبحت ستانفورد جامعة من الطراز العالمي في غضون فترة قصيرة نسبيا من وجودها قال رئيس الجامعة: “ستانفورد تكتنز الحرية الأكاديمية وتعتبرها روح الجامعة”.

هذا وغيرها من الخصائص التي تميز الجامعات العالمية الرصينة والتي بها تتباهى بها هذه الجامعات وتفتخر بينما تحاول الأخرى تقليدها ومنافستها لاحراز التفوق. ويتفق عموما على ان الجامعة الرصينة ذات الطراز العالمي لها ثلاثة مزايا مهمة هي الجودة العالية للتعليم والتفوق في البحث العلمي ونشر المعرفة والمساهمات المتميزة في الثقافة والعلوم والحياة المدنية للمجتمع، وهي مزايا تتميز بها الجامعات الامريكية الرائدة.

وهنا لابد لي من الاشارة الى دراسة ألدن ولن Alden and Lin, 2004)) التي تطرح عدد من خصائص الجامعة ذات الطراز العالمي، اهمها:

1- ذات اعتبار عالمي في البحث العلمي

2- ذات اعتبار عالمي في التدريس

3- تمتلك عددا من الباحثين المتميزين عالميا

4- معترف بتفوقها من قبل الجامعات العالمية الاخرى ومن المؤسسات خارج منظومة التعليم العالي

5- تمتلك عددا من الاقسام العلمية ذات المستوى العالمي المتميز

6- بالتركيز على البحوث الرائدة التي تتميز بها الجامعة تستطيع احراز السبقية في هذه المواضيع

7- تبتكر افكارا رائدة وتنتج بحوثا اصيلة وتطبيقية بكثرة

8- تجذب افضل الطلبة وتنتج افضل الخريجين

9- تنتج بحوثا رائدة وتحصل على افضل الجوائز العالمية

10- يمكنها من جذب افضل الاساتذة والباحثين العالميين للعمل فيها

11- تجذب اكبر الاعداد من طلبة الدراسات العليا

12- تجذب اكبر الاعداد من الطلبة الاجانب

13- عالمية في سوقها وعملها الاكاديمي من حيث الارتباطات العلمية وتبادل الاساتذة والطلبة والزائرين العلميين

14- تحصل على اموال عالية من جهات عديدة فيما عدا الدولة كالقطاع الخاص والصناعي والخيري

15- توفر لطلبتها واساتذتها بيئة اكاديمية وعلمية صحية وبارقى المستويات

16- تمتلك قيادة ادارية لها رؤية استراتيجية وخطط تطبيق

17- تخرج طلبة يحصلون على مستوى عالي جدا من الوظائف ذات النفوذ في الدولة والمجتمع

18- بصورة عامة لها تاريخ طويل من الناتج ذو المستوى المتميز

18- تقدم مساهمات متميزة للمجتمع وللحياة العصرية

19- تقارن دائما بنظيراتها من الجامعات ذات الطراز العالمي المتميز

20- عندها الثقة الكافية لوضع مشاريعها وخططها بدون الاعتماد على جهات خارجية

وقد سبق لي، وفي عدد من المقالات والمحاضرات اشرت الى هذه الخصائص وقمت بتوضيحها وتفصيلها على امل ان تخطى الجامعات العراقية خطوات جدية في هذا المضمار وتنتهج نهجا جديدا متطورا يتيح لها الدخول في القرن الواحد والعشرين. وكنت قد دعوت في احدى المقالات السابقة قيادات التعليم الجامعي الى التفكير والتخطيط لنظام تعليمي جامعي يعتمد على:1. المنافسة بين الجامعات المختلفة ، 2. الإدارة اللامركزية للجامعات والمرونة التنظيمية والهيكلية لمختلف مؤسساتها، 3. إدخال أنظمة إدارية وأكاديمية جديدة ملائمة لقبول التغيير السريع والمستمر ، 4. التعاون الأكاديمي والعلمي بين الجامعات العراقية اولا، وبينها وبين الجامعات الاجنبية ثانيا، 5. إيجاد مصادر اخرى لتمويل الجامعات ، 6. تنمية مستوى كفاءات ومؤهلات الموارد البشرية ، 7. تطوير المناهج وطرائق التدريس وبما يتناسب مع حاجة السوق ومع التحول من التعليم الى التعلم.

ان الجامعات العراقية لكي تتحسن مستوياتها لابد ان تدرس تجارب الجامعات الغربية لتتعرف على خصائص هذه الجامعات وسبل تبنى اساليبها وطرقها لغرض الوصول الى القمة. ولكن هذه المعارف وحدها لن تمكن الجامعات العراقية من تحقيق اهدافها الا بانتهاج النهج الذي وضعت علاماته اعلاه وهو نهج لابد وبالضرورة سيعتمد تطبيقه على تغيير جذري في نظامنا الاداري وثقافتنا الاجتماعية فالاستقلالية والحكم الذاتي للجامعات مسألة اساسية لكي تأخذ جامعاتنا طرقا مختلفة عن بعضها الاخر بحيث تتميز الواحدة عن الاخرى وهذا التميز سيدفع بها الى التنافس فيما بينها للحصول على الصدارة وطنيا وعالميا. اما الآن فالاختلافات شكلية والفروق نسبية، ولكن مع اهمية الاستقلالية لا يمكن للجامعات ان تتطور كثيرا اذا لم تتوفر لها قيادات ادارية وتربوية فائقة المعرفة. ولا ننسى ان الجامعات لا ترقى الا بقيمها واصولها، ولا يكتمل تميزها الا بتميز تقاليدها وهويتها.

ويبدو ان التخوف من اساءة استخدام الجامعات لاستقلاليتها يلعب دورا مهما في تمادي الدولة في فرض سيطرتها على الجامعات. في امريكا والغرب يلعب سوق العمل وحاجة المجتمع كقوى اخلاقية ملزمة للجامعات في اختيار البرامج الاكاديمية وعدد طلبتها وتبرير وجودها، لذا لا تلعب حكومات هذه الدول الا دورا صغيرا جدا في تسيير التعليم العالي. قد يؤدي منح الاستقلالية كاملة ولكل الجامعات العراقية في الوقت الحاضر الى عكس ما نريده من تطور نتيجة تخلف الهيكل التنظيمي، ووجود وشائج من العلاقات الشخصية والسياسية والاجتماعية والدينية التي تلعب دورا مهما في تسيير الجامعات، ولان الثقافة السائدة في المجتمع العراقي لازالت هي ثقافة الوظيفة الرسمية والتسلسل الوظيفي الهرمي والتي تعتمد على اطاعة المسؤول الاعلى درجة من قبل المسؤول الاقل درجة.

الجامعات الامريكية تنعدم فيها ثقافة طاعة المسؤول فيستطيع اي طالب او استاذ من مسائلة عميد الكلية او رئيس الجامعة متى ما شاء من دون خوف، وفيها يتمتع الاستاذ باستقلالية شخصية تجعله يتعامل مع من يشاء، ويتنقل ويسافر متى ما شاء، وله ميزانية بحث خاصة به، ويحضر مؤتمرات ويشارك في ندوات متى ما شاء، ويعمل كاستشاري لمن يشاء، ويزور العراق متى ما شاء! ولا يطلب من رئيس الجامعة الموافقة على كل شاردة وواردة تحدث في الجامعة، ولا يتوقع من الطالب ان ينادي استاذه بدكتور او بروفسور، ولا تتوفر مقاعد امامية وثيرة في قاعات الجامعة لتحتضن المسؤولين، ولا ورودا بلاستيكية رخيصة تعيق من حركة ورؤية المحاضر. وهذا لا يحدث الا نتيجة شيوع ثقافة اكاديمية تعتمد على الشفافية والاحترام والمصلحة المتبادلة والاخلاص للعمل. لهذا اكرر ان للجامعة ان تتبنى وتنشر ثقافة اكاديمية داخلية تعتمد بالاساس على اشاعة الحريات الاكاديمية والثقة بالنفس واحترام الرأي الآخر والاخلاص في العمل والذود عن مصالح الجامعة لكي تتمكن من الوصول الى مستويات الجامعات الامريكية والغربية.

خلاصة القول ان ما على الجامعات العراقية التعلم من الجامعات الامريكية يكمن في جوهر المفاهيم التالية: جذب ورعاية المواهب، واذكاء شعلة التشوق للتفوق والتعلم، وبناء ثقافة وتراث اكاديمي خاص بالجامعة، واشاعة الحريات الاكاديمية، وارتباط بسوق العمل.

أحدث المقالات